Taife Kralları ve İslam Tarihi Üzerine Gözlemler
ملوك الطوائف ونظرات في تاريخ الإسلام
Türler
ويظهر أن هذه النصيحة صادفت من نفس زهير قبولا، ووقعت منه موقع الإعجاب، إلا «ابن عباس» الذي كان حاضرا وقت أن أفضى الرجل إلى زهير بهذا الحديث، فقال له: «لا عليك أيها الأمير، فإن الخوف هو الذي جسم في خيال هذا الرجل أن يحدثك هكذا.»
فصاح الحرسي: «أي خوف هذا؟ ألمثلي تقول هذا الكلام، وأنا الذي اشترك في عشرين معركة في حين أنك لم تشهد في حياتك معركة واحدة؟ وسترى - عند معاينة الحادث غدا - أني لم أغش الأمير حين نصحته.» وغادرهما مغضبا.
وقد زعم أعداء ابن عباس (وقد قلنا سابقا إنهم كثير) أنه رفض نصيحة جندي البربر لا لأنه استهان بها، بل لأنه كان يرمي إلى هلاك زهير طمعا في الاستئثار بحكم المرية على أمل أن يقتل زهير في المعركة ويركن هو إلى الفرار، فينادى به ملكا عليها، وربما كان لهذا الزعم ظل من الحقيقة، وسنرى على الأقل أن ابن عباس سيفخر أمام باديس بأنه استدرج زهيرا حتى وقع في الشرك.
وفي اليوم التالي (15 أغسطس سنة 1038) ألفى زهير نفسه وراء تلك المجازات والمضائق محصورا، وقد أحاط به جنود غرناطة، فذعر جنوده ذعرا شديدا، وعمهم الحزن والكمد. أما هو فكان حاضر الذهن حيث رتب المشاة من الزنوج، وكانوا خمس مئة راجل، والمشاة من الأندلسيين وأمر القائد هذيلا، بأن يتقدم على رأس الفرسان الصقالبة وينقض على العدو فصدع هذا بالأمر، ولم تكد تبدأ المعركة ويلتحم الفريقان، حتى سقط هذيل عن جواده ولم يعرف سبب سقوطه، أمن طعنة رمح أم من كبوة فرسه؟ •••
وسرعان ما لاذ الفرسان بالفرار بغير انتظام، وفي نفس هذا الوقت المشئوم، خان الزنوج زهيرا - وكانت له فيهم ثقة عظيمة - وانضموا إلى أعدائه، بعد أن استولوا على ما لديه من عدة وسلاح ولم يبق معه - وهو على هذه الحال - سوى الأندلسيين وهم أخلاط من أردأ الجند غير مدربين على القتال. فأسرع هؤلاء أيضا بالهرب، وتبعهم زهير طوعا أو كرها.
ولما كان الجسر مقطوعا، وأطراف الشعاب والمضايق محتلة بجند غرناطة، لم يسع الفارين إلا أن يعتصموا برءوس الجبال. فأعمل الغرناطيون - في أغلبهم - السيوف، ومن لم ينله السيف منهم، تردى في مهاو عميقة، وطاح هذا العدد، وبقي زهير وحده.
وأخذ أرباب الوظائف - من غير الجند - أسرى، عملا بأوامر باديس، الذي أوصى رجاله بالإبقاء عليهم، وفي عدادهم ابن عباس، وقد صرح أن أخوف ما يخافه - وقد وقع في قبضتهم أسيرا - مكتبته الحاوية لأنفس الكتب وأكثرها عددا، وصاح قائلا: «رحماك ربي وعونك، إلى أي مصير تصير كتبي؟»
وجعل يتوسل بالجند الذين يسوقونه إلى باديس ويقول لهم: «اذهبوا إلى ملككم، وسلوه أن يعنى العناية كلها بكتبي وأن لا يحرق منها شيئا، فإن من بينها كتبا لا تقوم بوزنها ذهبا.»
ولما مثل بين يدي باديس، أراد أن يخدعه بقوله: «ألم تر أني قد خدمت مصلحتك حين أوقعت - في حبائلك - هؤلاء الكلاب؟ وأشار بيده إلى الأسرى من الصقالبة. وأريد في مقابلة ذلك أن تسعى بدورك في صالحي، وذلك بأن تأمر باستبقاء كتبي، والمحافظة عليها، فإنه لا شيء أعز علي منها.»
وفيما هو يخاطبه كان أسرى المرية يرمقونه بأنظار يتطاير منها الشرر حنقا وغيظا، وحمل الغيظ أحد رؤساء الجنود، وهو ابن شبيب على أن يقول لباديس: «أستحلفك - يا مولاي - بمن جعل النصر حليفك، ألا تدع هذا الخائن الذي أضاع مملكتنا، يفلت من يدك، فإنه هو وحده الذي جنى علينا كل ما وقع. وإذا أتيح لي أن أشهد مصرعه، وما يحل به من العذاب الأليم، فسأكون أول من يقدم نفسه عن اختيار لتضرب رأسي بعده.» •••
Bilinmeyen sayfa