Taife Kralları ve İslam Tarihi Üzerine Gözlemler
ملوك الطوائف ونظرات في تاريخ الإسلام
Türler
وربما لا يحدثك التاريخ عن رجل يهودي حكم في دولة إسلامية حكما مباشرا وصريحا باسم وزير مستشار إلا في هذه المملكة الإسلامية.
على أن بعض اليهود قد تمتع - على الأرجح - بشيء من الاعتبار والحظوة لدى بعض ملوك المسلمين الذين كانوا يستعملونهم غالبا على وزارة المالية، ولكن التسامح لم يبلغ بالإسلام إلى حد أن يتولى يهودي منصب رئيس الوزراء، وإذا جاز هذا الأمر في جهات أخرى فلم يكن ليجوز في غرناطة تلك المدينة التي كثر عدد اليهود المقيمين بها حتى أطلقوا عليها اسم مدينة اليهود،
2
ولما كانت في أيديهم معظم الثروة فقد كانوا يتدخلون غالبا في شئون الدولة.
وصفوة القول أن اليهود وجدوا هنا أرضا أخرى غير الأرض الموعودة من الصحراء وصخرة حريب.
ويصح أن يفسر سمو صمويل إلى هذا المنصب بأسلوب آخر، فإنه لم يكن من السهل على ملك غرناطة، أن يعثر على من يقلده منصب الوزير الأول، إذ من المحقق أنه لم يكن في استطاعته أن يسند هذا المنصب الخطير لا إلى رجل من البربر، ولا إلى آخر من العرب. وقد كانوا يؤثرون - في ذلك الحين - أن يكون الوزير أديبا قد بلغ في الأدب الغاية وملك ناصية البيان، كي يستطيع أن يحرر الرسائل التي ترسل إلى الملوك بالنثر المبدع، والأسلوب الرائع الممتع، وقد كان ملك غرناطة يرغب في أن تتوافر هذه المواهب عنده، ومثله في ذلك مثل صعلوك يعمل على أن يكون من العظماء، ولما كان نصف بربري بذل كل ما في وسعه حتى لا يظهر بهذا المظهر، وكان يتمنى - من أعماق نفسه - أن يكون ذا علم وأدب، وكان يزعم - حتى لا ينسب إلى ضعة النسب - أن السلالة التي انحدر منها - وهي صنهاجة - لم تكن من عنصر البربر بل كانت من عنصر العرب.
3
فلكل هذه الاعتبارات كان لا بد له من وزير مضطلع بفنون الأدب لا نظير له عند جيرانه، ولكن أنى له أن يظفر بذلك؟
إن البربر الذين عنده كانوا لا يحسنون إلا عملا واحدا هو القتال والاستيلاء على المدن ونهب ما فيها من الأموال والذخائر وصرفها وتخريبها، ويعجزون بعد ذلك عن النطق الفصيح، أو كتابة سطر صحيح بلغة القرآن، والعرب الذين كانوا يخضعون لسلطانه كانوا لا يحملون هذا النير على عاتقهم إلا وهم يرجفون غضبا ويضطربون حمية وخجلا، ويرون خيانته عملا شريفا، فهو لا يستطيع أن يأمن جانبهم، وقد ساعفته الظروف فرأى يهوديا مثل صمويل شهد له علماء العرب أنفسهم بالاستبحار في العلوم وفقه أسرار لغة العرب، ومما يشهد له بالمهارة والحذق أنه مع حرصه على التمسك بدينه، كان لا ينحرف وهو يكتب لأساطين المسلمين عن أن يستعمل في رسائله ومكاتباته الصيغ والنصوص والعبارات الدينية المألوفة عند كتاب المسلمين، فلا بد أن يكون هذا الرجل قد أحرز من البلاغة العربية كنزا ثمينا كان ينفق منه كلما أراد الكتابة، ولهذا لم يشعر الملك - وقد رفعه إلى منصة رياسة الوزارة - بخجل، والعرب أنفسهم قد ارتاحوا إلى هذا الاختيار ووافقوا عليه، وعلى الرغم من عدم تسامحهم وارتيابهم في اليهود فقد أذعنوا اضطرارا واعترفوا بعبقرية صمويل ونبوغه ومزاياه، وفي الحق أنه كان متحليا بمختلف العلوم، زاخر العباب فيها، فهو الرياضي المنطقي الفلكي الذي يجيد - فوق ذلك - سبع لغات، أضف إلى هذا أنه - بوجه عام - كان كثيرا ما يكرم الشعراء ورجال الأدب، والكثير ممن خصهم بنواله، لم يقصروا في إطرائه ومدحه والثناء عليه، وقد دخل في غمار من مدحه الشاعر منفائيل.
ووجه إليه بالكلمة التالية التي لا يذكرها المسلمون، إلا مقرونة بفزع واستنكار عظيمين: «أيها العلم الفرد الذي جمعت في شخصك من المزايا والسجايا الحميدة ما لم يظفر سائر الناس إلا بجزء يسير منه، أنت يا من أطلقت الجود من محبسه بعد أن كان سجينا، إنك لأسمى الناس قدرا وأرفعهم منزلة في الشرق والغرب، فإنك كالذهب قيمة وسائر الناس كالنحاس ... إلخ.»
Bilinmeyen sayfa