Taife Kralları ve İslam Tarihi Üzerine Gözlemler
ملوك الطوائف ونظرات في تاريخ الإسلام
Türler
وليس من أصالة الرأي أن نقول إن سواد العرب كانوا يشعرون بحاجة إلى دين آخر، فإن العربي - ذلك البدوي الحر كما سنراه في كثير من المناسبات التي ستتيحها لنا الفرص أثناء دراسته - ليس متدينا بطبعه، كما أن كل محاولة بذلت في سبيل جعله كذلك كان نصيبها الفشل التام.
فالعربي رجل عملي مادي، لا يعنى بغير الحقائق حتى في شعره، فهو لا يسبح في الخيال والوهم، ولا يميل إلى الأخذ بتلك الألغاز والمعميات الدينية، التي يعتمد الإنسان في استيعابها على التخيل أكثر من اعتماده على التعقل. •••
إن ديانة العرب التي ألفوها، لم تكن مهيمنة على نفوسهم ومشاعرهم، بل كانت ضعيفة الأثر، قليلة الخطر، ولكنها كانت دين سوادهم على كل حال، فإذا كان من الحق علينا أن نعترف أن المستنيرين منهم لم يؤمنوا بتلك الأرباب، فمن الحق علينا أن نقرر أيضا أن عدم إيمانهم بها لم يكن كافيا للقضاء عليها.
والحق أن أحدا لم يكن مضطرا إلى العقيدة، فقد كان البدو لا يبالون أن يسخروا حتى من أربابهم التي يعبدونها، ولا يترددون في إلحاق الأذى والضرر بها، بقلوب جد مغتبطة، بيد أن القضاء - بعد كل هذه الاعتبارات - على عبادة يدين بها أجدادهم وآباؤهم من قبل، كان يثير في نفوسهم كبرياءهم القومي، أنفة من أن يتركوا دين أسلافهم الذين كانوا يفردونهم بكل إجلال وإكبار.
وجماع القول أن الديانة كانت في نظر العربي القديم - كما هي في نظر البدو في أيامنا هذه - أمر لا خطر له، وآية ذلك أن شعراء الجاهلية لا نكاد نراهم يذكرون دينا أو عقيدة في أشعارهم، ولو فتشنا أناشيدهم لم نر فيها - إذا استثنينا أسماء الآلهة وبعض الشعائر المختلفة - إلا عبارات مقتضبة، لا تكاد تعثر فيها على ذكر لعبادتهم القديمة.
لقد عاش العرب للحياة الحاضرة، ولم يشغلوا أذهانهم بشيء من مسائل وراء الطبيعة، وكان مؤمنوهم يتابعونهم في ذلك الشعور ويصدرون عنه.
ومع كل هذه الاعتبارات، فقد وجدت لهذه القاعدة شواذ - شأن كل قاعدة - فإن وجود جماعات شتى من متألهي العرب الذين يدينون بوحدانية الله وإن اختلفت وجهاتهم وتباينت نحلهم - لتدين بعضهم باليهودية أو المسيحية - كان أمرا له خطره عند العرب، وله أثره في نفوسهم، إذ كان أولئك المتألهون لا يفتئون يبثون عقائدهم فيمن حولهم من العرب.
الحنيفية
ومن ثم رأينا في أواخر القرن السادس الميلادي لبعض الشعراء دلائل وآثارا لإيمان عميق بوحدانية الله، ورأينا منهم شعورا يقظا بالتبعة المترتبة على ما تصنعه أيديهم من خير أو شر، وهذه الفئة - التي ترى هذا الرأي - هي طائفة الحنفاء،
31
Bilinmeyen sayfa