حينئذ أيقن المجوس واليهود أن الإسلام إذا كان إسلاما محمديا صحيحا لا يمكن أن يحارب وجها لوجه في معارك شريفة سافرة، ولا سبيل إلى سحقه باغتيال أئمته وعظمائه. فأزمعوا الرأي أن يظاهروا بالإسلام، وأن ينخرطوا في سلكه، وأن يكونوا (الطابور الخامس) في قلعته. ومن ذلك الحين رسموا خطتهم على أن يحتموا بحائط يقاتلون من ورائه الرسالة المحمدية وأهلها الأولين، فتخيروا اسم «علي» ليتخذوه ردءا لهم. وأول من اختار ذلك لهم يهوديٌّ ابن يهودي من أخبث من ولدتهم نساء اليهود منذ عبدوا العجل في زمن موسى إلى أن اخترعوا الفكرة الصهيونية في الزمن الأخير.
نقل المامقاني في كتابهم تنقيح المقال (٢: ١٨٤) عن الكشي رأس علمائهم في الجرح والتعديل ما نصه: «وذكر أهل العلم أن عبد الله بن سبأ كان يهوديا فأسلم ووالى عليا، وكان يقول - وهو على يهوديته - في يوشع بن نون (وصي موسى)، فقال في إسلامه في علي مثل ذلك وكان (أي عبد الله بن سبأ) أول من شهر القول بإمامة علي وأظهر البراءة من أعدائه (ومراد الكشي من أعداء علي إخوانه وأحبابه أصحاب رسول الله ﷺ)، وكاشف مخالفيه وكفرهم. فمن هنا قال من خالف الشيعة: إن أصل التشيع والرفض مأخوذ من اليهود». انتهى كلام الكشى إمام الشيعة في الجرح والتعديل ومؤرخ الرواية والرواة في نحلتهم، وما ينبئك مثل خبير.
وعبد الله بن سبأ كان ملعونا على لسان علي بن أبي طالب سلام الله عليه، ودعوته كانت مرذولة فيما كان يدين الله به كرم الله وجهه، وقد طارد هذا الملعون وحرق بالنار من وصلت إليهم يده من أصحابه ودعاته، وهذا هو المنتظر من إمام صالح راشد طالما خطب على منبر الكوفة فقال على رؤوس الأشهاد: «خير هذه الأمة بعد نبيها أبو بكر ثم عمر» روي ذلك عنه من ثمانين وجها ورواه البخاري وغيره، وكان كرم الله وجهه يقول «لا أوتى بأحد يفضلني على أبي بكر وعمر إلا ضربته حد المفتري». ولما بلغت الجرأة والفجور باثنين من المتسممين بسموم عبد الله بن سبأ - ويقال لهما عجل وسعد ابنا عبد الله - فنالا
مقدمة / 6