عباسٍ (^١) وغيره، ففي قذفها طعنٌ وأذىً للنبيِّ ﷺ، فإن زِنى امرأةِ الرَّجلِ يؤذيه. ولهذا ذهب أحمد - في روايةٍ عنه - إلى أن من قذف امرأةً غير محصنةٍ كالأمَةِ والذِّمِّية، ولها زوجٌ أو ولد محصن حُدَّ لقذفها، لما يلحقه من العار بولدها وزوجها المحصَنَيْن، فتكون هذه الآية خاصة بمن قذف أزواج النبي ﷺ، فإن من يقصد عيبَ النبيِّ بعيبِ أزواجه فهو منافق، فأما من رَمَى امرأةً من المسلمين فهو فاسق، كما قال تعالى، أو يتوب، ويكون الألف واللام في قوله: ﴿يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ﴾، عهديَّة راجعة إلى معهودٍ وهم أزواج الرسول ﷺ؛ لأن الكلام في قصة الإفك، أو يُقْصَر اللفظ العام على سببه للدليل الذي يوجب ذلك؛ لأن أزواج النبي ﷺ مشهود لهنَّ بالإيمان، وهنَّ أُمهات المؤمنين، وهنَّ أزواجه في الدنيا والآخرة.
وقال تعالى: ﴿وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ (١١)﴾ [النور: ١١] فعُلِمَ أن الذي يرمي أمهات المؤمنين يعيب بذلك رسول الله ﷺ، وتولّى كِبْر الإفك، وهذه صفة المنافق ابن أُبَيٍّ. فرميهنَّ نفاق مُبيح للدم إذا قصد به أذى النبي ﷺ، أو أُوذِيْنَ بعد العلم بأنهنَّ أزواجه في الآخرة، فإنه ما بغت امرأةُ نبيٍّ قطُّ.
ولهذا قال ﷺ فيما ثبت عنه في "الصحيحين" (^٢): "مَنْ يَعْذِرُني مِن
_________
(^١) أخرجه ابن أبي حاتم والحاكم - وصححه - وابن مردويه، كما في "الدر المنثور": (٥/ ٦٤). وفي سند الحاكم سعيد بن مسعود (هو المروزي) ذكره ابن حبان في "الثقات": (٨/ ٢٧١)، ووقع فيه "يروي عن يزيد بن مروان"! وهو تحريف عن "يزيد بن هرون".
(^٢) البخاري رقم (٢٦٣٧، ٤١٤١ وغيرها)، ومسلم رقم (٢٧٧٠) من حديث عائشة ﵂.
1 / 45