الله؛ لأنه واسطة بين الله وبين الخلق، ليس لأحدٍ منهم طريق غيره، وقد أقامه مُقامَ نفسِه في أمره ونهيه، وإخباره وبيانه، فلا يجوز أن نفرِّق (^١) بين الله ورُسُلِه في شئٍ من هذه الأمور.
وأيضًا: فإنه فرَّق بين أذى الله ورسوله، وبين أذى المؤمنين والمؤمنات، فجعلَ هذا قد احتمل بهتانًا وإثمًا مُبِينًا، وجعل على ذلك لعنته في الدنيا والآخرة، وأعدَّ له العذاب المهين، ومعلومٌ أن أذى المؤمنين قد يكون فيه الجَلْد فيكون من كبائر الإثم، وليس فوقه إلا الكفر والقتل.
وأيضًا: فإنهم (^٢) لعنهم، واللعن: الإبعاد عن الرحمة، ولا يُطرَد من رحمته في الدنيا والآخرة إلا الكافر، فلا يكون محقون الدم، بل مباحه؛ لأن حَقْنَه رحمةٌ عظيمة، يؤيده قوله: ﴿مَلْعُونِينَ أَيْنَمَا ثُقِفُوا أُخِذُوا وَقُتِّلُوا تَقْتِيلًا (٦١)﴾ [الأحزاب: ٦١].
يؤيده: أنَّ سائر من لعنه الله في كتابه؛ إمَّا كافر أو مُباح الدم.
فإن قيل: يَرِد عليك قوله: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ لُعِنُوا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ﴾ [النور: ٢٣] مع أنَّ مجرَّد القذف ليس بكفر.
فجوابُه من وجوه:
أحدها: أن هذه الآية نزلت في عائشة ﵂ قاله ابن
_________
(^١) في "الصارم": "يُفَرَّق" والرسم والمعنى يحتمل الضبطين.
(^٢) كذا، والأصح: "فإنه" كما في "الصارم".
1 / 44