واما نحو قولك ما زيد الا اخوك وما الباب الاساج وما هذا الا زيد فمن قصر الموصوف على الصفة تقديرا إذ المعنى انه مقصور على الاتصاف بكونه اخا اوساجا أو زيدا. (والاول) أي قصر الموصوف على الصفة (من الحقيقي نحو ما زيد الا كاتب إذا اريد انه لا يتصف بغيرها) أي غير الكتابة من الصفات (وهو لا يكاد يوجد لتعذر الاحاطة بصفات الشئ) حتى يمكن اثبات شئ منها ونفى ما عداها بالكلية بل هذا محال لان للصفة المنفية نقيضا وهو من الصفات التى لا يمكن نفيها ضرورة امتناع ارتفاع النقيضين مثلا. إذا قلنا ما زيد الا كاتب واردنا انه لا يتصف بغيره لزم ان لا يتصف بالقيام ولا بنقيضه وهو محال. (والثانى) أي قصر الصفة على الموصوف من الحقيقي (كثير نحو ما في الدار الا زيد) على معنى ان الحصول في الدار المعينة مقصور على زيد (وقد يقصد به) أي بالثاني (المبالغة لعدم الاعتداد بغير المذكور) كما يقصد بقولنا ما في الدار الا زيد ان جميع من في الدار ممن عدا زيدا في حكم العدم فيكون قصرا حقيقيا ادعائيا واما في القصر الغير الحقيقي فلا يجعل فيه غير المذكور بمنزلة العدم بل يكون المراد ان الحصول في الدار مقصور على زيد بمعنى انه ليس حاصلا لعمرو وان كان حاصلا لبكر وخالد. (والاول) أي قصر الموصوف على الصفة (من غير الحقيقي تخصيص امر بصفة دون) صفة (اخرى أو مكانها) أي تخصيص امر بصفة مكان صفة اخرى. (والثانى) أي قصر الصفة على الموصوف من غير الحقيقي (تخصيص صفة بامر دون) امر (آخر أو مكانه). وقوله دون اخرى معناه متجاوز اعن الصفة الاخرى فان المخاطب اعتقد اشتراكه في صفتين والمتكلم يخصصه باحديهما ويتجاوز عن الاخرى ومعنى دون في الاصل ادنى مكانا من الشيء يقال هذا دون ذاك إذا كان احط منه قليلا ثم استعير للتفاوت في الاحوال والرتب ثم اتسع فيه فاستعمل في كل تجاوز حد إلى حد وتخطى حكم إلى حكم. ولقائل ان يقول ان اريد بقوله دون اخرى ودون آخر دون صفة واحدة اخرى ودون امر واحد آخر فقد خرج عن ذلك ما إذا اعتقد المخاطب اشتراك ما فوق الاثنتين كقولنا ما زيد الا كاتب لمن اعتقده كاتبا وشاعرا ومنجما وقولنا ما كاتب الا زيد لمن اعتقد ان الكاتب زيد أو عمرو واو بكر وان اريد به الاعم من الواحد وغيره فقد دخل في هذا التفسير القصر الحقيقي وكذا الكلام على مكان اخرى ومكان آخر. (فكل منهما) أي فعلم من هذا الكلام ومن استعمال لفظة أو فيه ان كان واحد من قصر الموصوف على الصفة وقصر الصفة على الموصوف (ضربان). الاول التخصيص بشئ دون شئ والثانى التخصيص بشئ مكان شئ (والمخاطب بالاول من ضربي كل) من قصر الموصوف على الصفة وقصر الصفة على الموصوف ويعنى بالاول التخصيص بشئ دون شئ (من يعتقد الشركة) أي شركة صفتين في موصوف واحد في قصر الموصوف على الصفة وشركة موصوفين في صفة واحدة في قصر الصفة على الموصوف فالمخاطب بقولنا ما زيد الا كاتب من يعتقد اتصافه بالشعر والكتابة وبقولنا ما كاتب الا زيد من يعتقد اشتراك زيد وعمرو في الكتابة. (ويسمى) هذا القصر (قصر افراد لقطع الشركة) التى اعتقدها المخاطب (و) المخاطب (بالثاني) اعني التخصيص بشى ء مكان شئ من ضربي كل من القصرين (يعتقد العكس) أي عكس الحكم الذى اثبته المتكلم فالمخاطب بقولنا ما زيد الا قائم من اعتقد اتصافه بالقعود دون القيام وبقولنا ما شاعر الا زيد من اعتقد ان الشاعر عمرو لا زيد. (ويسمى) هذا القصر (قصر قلب لقلب حكم المخاطب أو تساويا عنده) عطف على قوله يعتقد العكس على ما يفصح عنه لفظ الايضاح أي المخاطب بالثاني اما من يعتقد العكس واما من تساوى عنده الامر ان اعني الاتصاف بالصفة المذكورة وغيرها في قصر الموصوف على الصفة واتصاف الامر المذكور وغيره بالصفة في قصر الصفة على الموصوف حتى يكون المخاطب بقولنا ما زيد الا قائم من يعتقد اتصافه بالقيام أو القعود من غير علم بالتعيين وبقولنا ما شاعر الا زيد من يعتقد ان الشاعر زيدا وعمروا من غير ان يعلمه على التعيين. (ويسمى) هذا القصر (قصر تعيين) لتعيينه ما هو غير معين عند المخاطب. فالحاصل ان التخصيص بشئ دون شئ آخر قصر افراد والتخصيص بشئ مكان شئ ان اعتقد المخاطب فيه العكس قصر قلب وان تساويا عنده قصر تعيين. وفيه نظر لانا لو سلمنا ان في قصر التعيين تخصيص شئ بشئ مكان شئ آخر فلا يخفى ان فيه تخصيص شئ بشئ دون آخر فان قولنا ما زيد الا قائم لمن تردد بين القيام والقعود تخصص له بالقيام دون القعود. ولهذا جعل السكاكى التخصيص بشئ دون شئ مشتركا بين قصر الافراد والقصد الذي سماء المصنف قصر تعيين وجعل التخصيص بشئ مكان شئ قصر قلب فقط. (وشرط قصر الموصوف على الصفة افرادا عدم تنافى الوصفين) ليصح اعتقاد المخاطب اجتماعهما في الموصوف حتى تكون الصفة المنفية في قولنا ما زيد الا شاعر كونه كاتبا أو منجما لا كونه مفحما أي غير شاعر لان الافحام وهو وجدان الرجل غير شاعر ينافى الشاعرية. (و) شرط قصر الموصوف على صفة (قلبا تحقق تنافيهما) أي تنافى الوصفين حتى يكون المنفى في قولنا ما زيد الا قائم كونه قاعدا أو مضطجعا أو نحو ذلك مما ينافى القيام. ولقد احسن صاحب المفتاح في اهمال هذا الاشتراط لان قولنا ما زيد الا شاعر، لمن اعتقد انه كاتب وليس بشاعر قصر قلب على ما صرح به في المفتاح مع عدم تنافى الشعر والكتابة ومثل هذا خارج عن اقسام القصر على ما ذكره المصنف. لا يقال هذا شرط الحسن أو المراد التنافى في اعتقاد المخاطب.
Sayfa 118