(واما تعريفه فلا فادة السامع حكما على امر معلوم له باحدى طرق التعريف) يعنى انه يجب عند تعريف المسند إليه إذ ليس في كلامهم مسند إليه نكرة ومسند معرفة في الجملة الخبرية (بآخر مثله) أي حكما على امر معلوم بامر آخر مثله في كونه معلوما للسامع باحدى طرق التعريف سواء يتحدا الطريقان نحو الراكب هو المنطلق أو يختلفان نحو زيد هو المنطلق (أو لازم حكم) عطف على حكما (كذلك) أي على امر معلوم باخر مثله. وفيه هذا تنبيه على ان كون المبتدأ والخبر معلومين لا ينافى افادة الكلام للسامع فائدة مجهولة لانه العلم بنفس المبتدأ والخبر لا يستلزم العلم باسناد احدهما إلى الاخر (نحو زيد اخوك وعمرو المنطلق) حال كون المنطلق معرفا (باعتبار تعريف العهد أو الجنس). وظاهر لفظ الكتاب ان نحو زيد اخوك انما يقال لمن يعرف ان له اخا. والمذكور في الايضاح انه يقال لمن يعرف زيدا بعينه سواء كان يعرف ان له اخا أو لم يعرف. ووجه التوفيق ما ذكره بعض المحققين من النحاة ان اصل وضع تعريف الاضافة على اعتبار العهد والا لم يبق فرق بين غلام زيد وغلام لزيد فلم يكن احدهما معرفة والاخر نكرة لكن كثيرا ما يقال جاءني غلام زيد من غير اشارة إلى معين كالمعرف باللام وهو خلاف وضع الاضافة فما في الكتاب ناظر إلى اصل الوضع وما في الايضاح إلى خلافه. (وعكسها) أي ونحو عكس المثالين المذكورين وهو اخوك زيد والمنطلق عمرو. والضابط في التقديم انه إذا كان للشئ صفتان من صفات التعريف وعرف السامع اتصافه باحديهما دون الاخرى فايهما كان بحيث يعرف السامع اتصاف الذات به وهو كالطالب بحسب زعمك ان تحكم عليه بالاخر فيجب ان تقدم اللفظ الدال عليه وتجعله مبتدأ وايهما كان بحيث يجهل اتصاف الذات به وهو كالطالب بحسب زعمك ان تحكم بثبوته للذات أو انتفائه عنه يجب ان تؤخر اللفظ الدال عليه وتجعله خبر فإذا عرف السامع زيدا بعينه واسمه ولا يعرف اتصافه بانه اخوه واردت ان تعرفه ذلك قلت زيد اخوك وإذا عرف اخا له ولا يعرفه على التعيين واردت ان تعينه عنده قلت اخوك زيد ولا يصح زيد اخوك ويظهر ذلك في نحو قولنا رأيت اسودا غابها الرماح ولا يصح رماحها الغاب. (والثانى) يعنى اعتبار تعريف الجنس (قد يفيد قصر الجنس على شئ تحقيقا نحو زيد الامير) إذا لم يكن امير سواه (أو مبالغة لكماله فيه) أي لكمال ذلك الشئ في ذلك الجنس أو بالعكس (نحو عمرو الشجاع) أي الكامل في الشجاعة كانه لااعتداد بشجاعة غيره لقصورها عن رتبة الكمال وكذا إذا جعل المعرف بلام الجنس مبتدأ نحو الامير زيد والشجاع عمرو ولا تفاوت بينهما وبين ما تقدم في افادة قصر الامارة على زيد والشجاعة على عمرو. والحاصل ان المعرف بلام الجنس ان جعل مبتدأ فهو مقصور على الخبر سواء كان الخبر معرفة أو نكرة وان جعل خبرا فهو مقصور على المبتدأ والجنس قد يبقى على اطلاقه كما مرو قد يقيد بوصف أو حال أو ظرف أو مفعول أو نحو ذلك نحو هو الرجل الكريم وهو السائر راكبا وهو الامير في البلد وهو الواهب الف قنطار وجميع ذلك معلوم بالاستقراء وتصفح تراكيب البلغاء. وقوله قد يفيد بلفظ قد اشارة إلى انه قد لا يفيد القصر كما في قول الخنساء إذا قبح البكاء على قتيل، رايت بكاءك الحسن الجميلا فانه يعرف بحسب الذوق السليم والطبع المستقيم والتدرب في معرفة معاني كلام العرب ان ليس المعنى ههنا على القصر وان امكن ذلك بحسب النظر الظاهر والتأمل القاصر. (وقيل) في نحو زيد المنطلق أو المنطلق زيد (الاسم متعين للابتداء) تقدم أو تأخر (لدلالته على الذات والصفة) متعينة (للخبرية) تقدمت أو تأخرت (لدلالتها على امر نسبي) لان معنى المبتدأ المنسوب إليه. ومعنى الخبر المنسوب والذات هي المنسوب إليها والصفة هي المنسوب فسواء قلنا زيد المنطلق أو المنطلق زيد يكون زيد مبتدأ والمنطلق خبر وهذا رأى الامام الرازي قدس الله سره. (ورد بان المعنى الشخص الذى له الصفة صاحب الاسم) يعنى ان الصفة تجعل دالة على الذات ومسندا إليها والاسم يجعل دالا على امر نسبي ومسندا. (واما كونه) أي المسند (جملة فللتقوى) نحو زيد قام (أو لكونه سببيا) نحو زيد ابوه قايم (لما مر) من ان افراده يكون لكونه غير سببي مع عدم افادة التقوى. وسبب التقوى في مثل زيد قام على ما ذكره صاحب المفتاح هو ان المبتدأ لكونه مبتدأ يستدعى ان يسند إليه شئ فإذا جاء بعده ما يصلح ان يسند إلى ذلك المبتدأ صرفه ذلك المبتدأ إلى نفسه سواء كان خاليا عن الضمير أو متضمنا له فينعقد بينهما حكم. ثم إذا كان متضمنا له لضميره المعتد به بان لا يكون مشابها للخالى عن الضمير كما في زيد قائم صرفه ذلك الضمير إلى المبتدأ ثانيا فيكتسي الحكم قوة فعلى هذا يختص التقوى بما يكون مسندا إلى ضمير مبتدا ويخرج عنه نحو زيد ضربته ويجب ان يجعل سببيا. واما على ما ذكره الشيخ في دلائل الاعجاز وهو ان الاسم لا يؤتى به معرى عن العوامل اللفظية الا لحديث قد نوى اسناده إليه. فإذا قلت زيد فقد اشعرت قلب السامع بانك تريد الاخبار عنه فهذا توطئة له وتقدمة للاعلام به. فإذا قلت قام دخل في قلبه دخول المأنوس وهذا اشد للثبوت وامنع من الشبهة والشك. وبالجملة ليس الاعلام بالشئ بغتة مثل الاعلام به بعد التنبيه عليه، والتقدمة، فان ذلك يجرى مجرى تأكيد الاعلام في التقوى والاحكام فيدخل فيه نحو زيد ضربته وزيد مررت به ومما يكون المسند فيه جملة لا للسببية أو التقوى خبر ضمير الشان ولم يتعرض له لشهرة امره وكونه معلوما مما سبق.
Sayfa 100