İlk Akıl Macerası: Mitoloji Üzerine Bir Çalışma: Suriye ve Mezopotamya
مغامرة العقل الأولى: دراسة في الأسطورة: سوريا وبلاد الرافدين
Türler
ربما كانت الديانات السماوية الباقية اليوم هي نتاج لإبانة القدرة الإلهية عن مقاصدها. ولكن، هل نسم بالزيف كل تجربة دينية لثقافة كدحت في التعرف على مقاصد القدرة الإلهية دون عون من وحي؟ إن أكثر الملتزمين بحرفية النصوص المقدسة لا يقدر على الإجابة بنعم مطمئنة عن هذا السؤال.
ولمزيد من الإيضاح أستنجد في هذا المجال بصديقي وصديق كل من قرأه، الكاتب اليوناني «كزانتزاكس»، الذي أورد في مذكراته المشهد النابض الذي أنقله فيما يأتي عن ترجمة الزميل ممدوح عدوان: «توقفنا بين خرائب القصر القديم قرب عمود مربع من الجص المصقول على قمته العلامة المقدسة منقوشة، الفأس ذات الحدين. ضم الأب كفيه وحنى ركبتيه لحظة، ثم حرك شفتيه وكأنه يصلي. استغربت وسألته: ماذا، أتصلي؟! فقال: طبعا يا صديقي الشاب. كل شعب وكل عصر يمنحه الله قناعه الخاص به، ولكن وراء الأقنعة كلها في كل عصر وفي كل عرق يبقى الله هو ذاته، الله الدائم الذي لا يتغير. إن لدينا الصليب شارة مقدسة لنا، وأجدادك الأقدمون في كريت كانت لهم الفأس ذات الحدين، لكنني أنحي جانبا هذه الرموز الفانية، وأتحسس الله وراء الصليب، ووراء الفأس ذات الحدين. أتحسسه وأنحني له احتراما.»
دمشق 1/ 1/ 1988م
عشرون عاما على «المغامرة»
تقديم للطبعة الحادية عشرة
إن تنفد طبعة كتاب ما من الأسواق خلال بضعة شهور فهو أمر معتاد في عالم الكتب، وأن يعاد طبعه بعد ذلك مرتين أو أكثر خلال عدة سنوات أمر معتاد أيضا. أما أن يعاد الكتاب عشرين سنة وتتداول الأجيال عشرا من طبعاته خلال هذه المدة، فأمر نادر الحدوث. وهذا الأمر النادر قد وقع لكتاب «مغامرة العقل الأولى» الذي صدرت طبعته الأولى عام 1976م، وتخرج من المطبعة الآن طبعته الحادية عشرة ونحن في عام 1996م. بعد كل إصدار جديد كنت أقول لنفسي هو الأخير، ثم أفاجأ بالناشر بعد عام أو عامين يطلب الإذن لطبعة أخرى، فتحل النسخة الجديدة محل النسخ النافدة في واجهات المكتبات ، ويرفض الكتاب أن يترجل عن مكانه بين مئات الكتب التي تصعد وتهبط رفوف الباعة.
من الطبيعي أن يشعر المؤلف بالرضا عن نجاح كتابه، ولكن الرضا قد تحول عندي بعد مدة إلى عجب وحيرة؛ فلقد قيل عقب صدوره بأن «مغامرة العقل الأولى» قد سد فراغا في المكتبة العربية، وهذا سبب نجاحه. ولكن لماذا بقي حيا كل هذه السنين رغم موجة الكتب المؤلفة والمترجمة التي استثارها صدوره؟ وما هي الحاجة التي بقي الكتاب يسدها حتى الآن؟ أصدقكم القول لست أدري، وإن كان لدي بعض التخمينات.
بعد العجب والحيرة حل عندي في الآونة الأخيرة نوع من الحسد والغيرة. صرت أغار من ذلك الشاب الذي ابتدأ الإعداد «للمغامرة» وهو دون الثلاثين، عندما كان يتسكع مدهوشا بين رفوف وفهارس المكتبات الكبرى في بريطانيا وأمريكا، من مكتبة المتحف البريطاني إلى مكتبة المعهد الشرقي بجامعة شيكاغو، ويسجل أفكاره المبدئية في مقاهي ساحة البيكاديللي بلندن، وعلى أرصفة وحشائش حدائق واشنطن العاصمة. كان يتصل بمن استطاع من المؤلفين الذين قرأهم وأحبهم، ولا يتردد في طرق باب شخصيات علمية لا تقل مكانة عن أرنولد توينبي الذي استقبله في داره بلندن، واستمع إليه بتواضع جم، وأجابه عن كل ما سأل. وفي الوقت نفسه كان يختلط بالطلبة المتمردين في شوارع واشنطن وحول البيت الأبيض والكابيتول وضفاف نهر البوتاماك، وهم آخر موجة من موجات ثورة الشباب التي انطلقت من باريس عام 1968م، وبقيت أصداؤها تتردد على الجانب الآخر من الأطلسي حتى مطلع السبعينيات بتأثير حرب الفيتنام. كان يحاورهم ويشاركهم المسيرات الصاخبة التي تندد بالحرب وتدعو لإيقافها، ويستمع إلى أحلامهم عن تغيير العالم وإحلال قيم جديدة في المجتمعات الغربية.
لهذا فقد جاء كتابه مزيجا من غضب الشارع ومن صمت المكتبات، من رائحة العرق ورائحة الورق. ربما لهذا أحبه الشباب أكثر من غيرهم، وربما لهذا بقيت الحاجة إليه قائمة بعد عشرين سنة من ظهوره.
ولكن لماذا الغيرة؟ لأن الكتاب كان نتاج مغامرتي المعرفية في بواكيرها الأولى، وهي المغامرة التي تعقدت في مؤلفاتي التالية واتسعت، ومعها تعقدت واتسعت مساحة السؤال. ومع ذلك فقد بقي الكتاب «المغامرة» في مقدمة إخوته، أشبه بالابن الأصغر المشاكس الذي يرفض المزاحمة. ربما لأن البعض لم يعد يتبين عندي ذلك المزيج الذي أحبه من الثورة والتأمل، أو لأن الثورة عندي لم تعد في وضوح التأمل، رغم أن موقفي من ضرورة الكتابة لم يتغير؛ فأنا أومن بأن الكتابة لا لزوم لها إن لم تنطلق من النقد المستمر لما نعرفه ونركن إليه، ومن المفارقة الدائمة للمألوف في مغامرة غير هيابة نحو المجهول، تدجن فينا الخوف من غير المألوف.
Bilinmeyen sayfa