91

وأضيف من جهتي شخصيا أنني لعلمي بما تكنونه من عواطف التقدير والود لمصر وقضيتها؛ تلك القضية التي لا نزاع في عدالتها، آمل أن دراسة جديدة منكم للموقف ستؤدي بكم إلى الأخذ بوجهة نظرنا.

فلما فرغت من تلاوة هذا البلاغ ظهر عليهما ما خيل إلي أنه شعور من تنسم الخلاص من مكروه كان يتوقعه، ثم قال السفير:

إنني آسف لمرض مستر بيفن في وقت كان يرجى فيه تعجيل السير بالأمور والرجوع إليه، ومما زاد في أسفي أن مستر بيفن كان ينوي أن يحضر إلى مصر، والمفاوضات قد آذنت نهايتها أو في طريقها إلى التمام.

ثم انتقل السفير إلى الكلام في موضوع زيارتي يومئذ، فتساءل: «ألم يكن للمعاني والاعتبارات التي ذكرناها؛ لتعديل المادة الثانية أي أثر في نفوس المفاوضين المصريين؟ إن كل غرضنا محصور في جعل هذه المعاهدة ذات قيمة فعالة

effective ، والمحالفة لا تكون كذلك إلا بالصورة التي عرضناها بها، ولا شك أنكم تدركون تماما أن الحروب الحديثة تستلزم السرعة الفائقة.»

قاعة الذكريات بمنزل إسماعيل صدقي باشا التي شهدت جانبا كبيرا من المفاوضات.

هيئة المفاوضين المصريين في أحد الاجتماعات التي عقدت في قصر أنطونيادس لدرس الاقتراحات التي تقدم بها الجانب البريطاني.

فقلت: «يا سعادة السفير هذه مسائل قتلناها بحثا فيما مضى، وكلام أطلنا فيه في فرص سابقة، وأوضحت لكم أن المادة بالصيغة التي تقترحونها لا يمكن إلا أن ترفض بالإجماع؛ لأنها من جهة تكاد تعود بنا إلى موضوع خطر الحرب الذي لا يمكن الموافقة عليه، ولأنها من جهة أخرى تدفعنا نحو الحالة الأتوماتيكية التي هي دائما في تفكيركم على ما يظهر، والتي من شأنها أن يمتنع أي تشاور بين الطرفين؛ ولأنها من جهة ثالثة تزيد من أعباء الالتزامات المفروضة على مصر بمقتضى المعاهدة، وكل هذا غير مقبول، وقد يكون من شأنه أن يمهد السبيل لدخول القوات البريطانية مصر مرة أخرى.»

هنا حاول اللورد ستانسجيت والسفير البريطاني أن يبينا حسن نيتهما وأغراضهما السلمية إزاء مصر. وقال السفير «إنه رغبة منهما في إثبات ذلك قد وضعا صيغا جديدة للمادة الثانية التي هي محور المعاهدة، ولعل في إحداها ما يجمع بين الطرفين في منتصف الطريق.» وأطلعاني على الصيغ الثلاث، وهي صيغ متشابهة ترجع في الحقيقة إلى الأولى منها وهي كما يأتي:

مع مراعاة أحكام ميثاق الأمم المتحدة دائما اتفق الطرفان الساميان المتعاقدان، على أنه في حالة حرب يشتبك فيها أحدهما، وتعرض للخطر سلامتهما في مصر أو الأراضي المجاورة، يتخذان بالتعاون الوثيق بينهما الإجراء الذي قد يسلم بضرورته، وذلك حتى يتخذ مجلس الأمن التدابير اللازمة لإعادة السلم إلى نصابه.

Bilinmeyen sayfa