90

وأذكر أنه قد زارني يوما مستر «لاجورديا» محافظ نيويورك، ورئيس الشعبة الأميركية للجنة الدفاع المشترك بين أميركا وكندا، وسألته عن شعوره وشعور الكنديين من ناحية وجوب المساواة بين الفريقين في أعمال اللجنة المشتركة، فقال لي بالنص:

أنت تسألني عن هذا وربما كان من حقي أن أقول لك إن الجانب الكندي في هذه اللجنة - وهو الذي يمثل الجانب الضعيف - أشد مطالبة وأكثر تصميما فيها ووصولا إلى غايته من الجانب الأميركي صاحب الحول والطول!

بين الوفدين المصري والبريطاني

بمدينة الإسكندرية، وفي قصر أنطونيادس، كانت المناقشات والمباحثات في الشئون التي اختلفنا عليها نحن والإنجليز، وإليكم مقتطفا من خطاب خاص بعثت به في 25 يوليو سنة 1946 إلى إحدى الجهات العليا؛ لتبيان الوضع الذي كنا فيه وهو كما يأتي:

قد جرى حديث بالأمس بيننا وبين اللورد والسفير دام ثلاث ساعات، يؤسفني أن أقول: إنه لم يؤد إلى تفاهم في أي موضوع، وقد تبين لي: (1) أن القوم هنا مرتبطون بتعليمات من لندن لا يستطيعون الخروج من نطاقها حتى بالوعد بإعادة النظر ... (2) أن فكرة جعل أو استمرار مصر قاعدة عسكرية لا تزال هي السائدة ... (3) إنهم لا يزالون بعيدين عن الاعتراف لمصر بمركز ولو معنوي في السودان ... (4) إنهم بعد مفاوضات دامت أربعة أشهر لم يدركوا العقلية المصرية في أية ناحية من نواحيها، وقد قالوا في نهاية الأمر إن تعليماتهم بشأن السودان لم تكن نهائية، ويستمدونها من لندن، وتلقاء ذلك كله رتبت الكلام مع عمرو باشا اليوم الساعة الواحدة؛ لأنبهه تليفونيا إلى أن البقاء في المركز الذي نحن فيه أي: (1) امتداد التزامات مصر الحربية إلى أكثر من البلاد المتاخمة ... (2) تعريض مصر لعودة الجيوش البريطانية في حالات الخطر بالشرق الأوسط ... (3) التلكؤ في الجلاء فيما عدا الجلاء عن المدينتين الكبيرتين، وهو ليس بجلاء، بل انتقال من مكان إلى آخر في داخل القطر المصري ... (4) السعي إلى أن تجري المفاوضة في مسألة السودان بغير تحفظ من جانبنا في شأن السيادة، كل ذلك لا يؤدي إلى تفاهم جدي في أمر التحالف، وسأطلب من عمرو باشا ردا سريعا ممن بيده تصريف الأمور، ويلوح أن القوم المفاوضين هنا يتجاهلون أن هناك جامعة للأمم لا يسلم ميثاقها بسيطرة من جانب على جانب.

بلاغ مصري للجانب البريطاني

وفي منتصف الساعة الثانية عشرة من صبيحة يوم الإثنين 29 يوليو سنة 1946، قصدت إلى سراي أنطونيادس وفاء لموعد سابق لمقابلة لورد ستانسجيت والسفير البريطاني، فقلت لهما: إنني حضرت لإبلاغهما قرار هيئة المفاوضات المصرية بشأن المقترحات البريطانية الأخيرة، وكنت قد أعددت ذلك كتابة فتلوته عليهما، وهذا نصه:

أعتقد أنني من أخلص المصريين مناصرة للاتفاق بين إنجلترا ومصر، وكنت آمل كذلك أن أكون في طليعة العاملين في بناء هذا الاتفاق.

ولهذا يشق علي أن أبلغكم أن الوفد المصري للمفاوضات في اجتماعه الأخير، قد قرر بإجماع الآراء اتخاذ موقف مضاد للموقف الأخير، الذي اتخذه الوفد البريطاني، وقرار الوفد المصري ينصب على ما يأتي: (1) المادة الثانية من مشروع المعاهدة المقدم من الوفد البريطاني الخاصة بالبلاد المجاورة وخطر الحرب ... (2) البيان الشفوي الخاص ببرنامج الجلاء ... (3) عدم وجود أية دلالة طيبة في شأن المبادئ الأساسية، التي طلبتها مصر للمفاوضات الخاصة بالسودان.

هذا وستقدم إليكم في خلال بضعة أيام مذكرة تشرح الأسباب، التي استند إليها الوفد المصري في إصدار قراره هذا.

Bilinmeyen sayfa