ثم قلت: «هل تريد أن أتصل عن طريق عمرو باشا بمستر بيفن؟ أم يكفي أني أدليت إليك بهذه الاعتبارات كلها؛ لتعمل من جانبك على علاج الأمور، ووضعها في نصابها الصحيح؟»
قال السفير: «الواقع أن مستر بيفن غير مسئول عن الوضع الحالي للأمور، بل أنا المسئول عنه؛ لأن التعليمات التي أعطيت لي كانت تقضي بأن يكون إلى جانبي عدد من كبار العسكريين، فلما فهمت منك أنك تحب أن يكون معي سياسيون في المفاوضة، ورأيت عندي موظفين يعاونونني في السفارة، ويفهمون تماما المسألة المصرية، فكرت فيهم، أما وقد بينت لي وجهة نظرك والاعتبارات التي تلابس الموقف، فإني سأتصل بمستر بيفن وأحيطه علما بالتفاصيل، وأتلقى منه تعليماته الجديدة التي سأبلغها إليك»، فقلت: «حسن، وأرجو ألا يتأخر ورود هذه التعليمات، إني في الواقع أرتاح إلى المفاوضة معك وحدك، ولكني أفضل أن يرسل إليك من وزارة الخارجية البريطانية من يمثل الناحية السياسية، ويتفق وأهمية المفاوضة.»
قال: «سيكون هذا ما أعرضه.»
قلت: «ورجائي أن يكون الرد سريعا؛ لأنك تعلم أن وقتا طويلا قد ضاع في الانتظار.»
فقال: «أرجو هذا، ولكن هل ترى أن كبيرا واحدا من وزارة الخارجية يكفي.»
قلت : «لا بأس عندي ...»
هذا ما جرى بيني وبين السفير البريطاني في 30 مارس، وقد فهم سعادته من هذا الحديث أن الحكومة البريطانية لا يمكن أن تثبت لمصر احترامها إياها، إلا إذا عينت فورا وفدا كبير الشأن لمفاوضة وفدها المصري، وإلا إذا أظهرت لها عنايتها واهتمامها، وحسن نواياها في الوصول إلى حل المسألة المصرية حلا عادلا.
اقتراحات بريطانية قبل المفاوضات
توجهت في صباح يوم 2 أبريل سنة 1946 إلى السفارة البريطانية لأرد الزيارة للسفير البريطاني، فبادرني سعادته بأن لديه خبرا سارا، ذلك أنني كنت أبديت له في زيارته الأخيرة لي، الامتعاض الذي سببه عدم تعيين المفاوضين البريطانيين، فلما اقترح أن يكون المفاوضون السياسيون من موظفي السفارة اعترضت على ذلك، فقام بمساع لدى مستر بيفن في هذا الشأن، واستطاع أن يخبرني أن مستر بيفن سيلقي هذا المساء في مجلس العموم تصريحا يعلن فيه تعيين المفاوضين البريطانيين، وأنه سيحتفظ لنفسه برياسة الوفد البريطاني، غير أنه سيعتذر في الوقت الحاضر بسبب الحالة السياسية، وسينتهز مستر بيفن أقرب فرصة للحضور بنفسه إلى مصر.
أما المفاوضون الآخرون فعلمت أنهم سيكونون حضرات: لورد ستانسجيت وزير الطيران، وسير رونالد كامبل، وسير كيناهان كورنواليس السفير السابق، والمتولي الشئون الاقتصادية للشرق الأوسط، ومستر رونالد أوفرتون مدير إدارة الشرق الأوسط بالسفارة، والأميرال تينانت القائد العام لأسطول الشرق الأوسط، والجنرال باجت القائد العام لجيش الشرق الأوسط، وماريشال الطيران ميدهرست، وربما زيد عليهم الجنرال جاكوب من هيئة أركان الحرب العامة (وقد ضم فعلا إلى الوفد واشترك فيه.)
Bilinmeyen sayfa