كنت وددت، كما ذكرت ذلك أعلاه، لو أنني أحول دون مطاردة الفرنسيين، ولكن جنودي كانوا موزعين على مساحة واسعة جدا، بحيث أن أوامري لم تصلهم في الوقت المناسب. ثم ان العرب الذين يحبون النهب لم يتمكنوا من كبح أنفسهم. وأخيرا دخل جماعة من التونسيين إلى مغارات المنصورة وذبحوا عددا كبيرا من الفرنسيين المرضى والجرحى الذين تركوا فيها إلى مصائرهم. غير أن هذا كله وقع على عكس ما أمرت به.
وظللنا نتابع الجيش الفرنسي إلى الصومعة (٤٠) حيث تكررت الفومادة التي اعتبرتها من جديد كعلامة للانسحاب.
لست أدري إذا كان من الضروري أن أذكر بأن وجود يوسف في صفوف الفرنسيين هو الذي كان يشكل بلا شك، السبب الرئيسي في مقاومة سكان قسنطينة والمقاطعة وفي مقاومتي أنا بصفة خاصة.
فلو كنت أعلم أنني أستطيع التفاوض مع الجيش والاحتفاظ بمرتبتي كباي لحاولت أن أفعل ذلك. ولكنني عندما رأيت أنهم جاؤوا بباي ليستبدلوني وأكثر ليهينوني
_________
(٤٠) - مكان الهرم حاليا، وكان الأهالي يسمونها صومعة أبليس.
1 / 54