طاردها، ولكن بنشاط قليل حتى أزيد من يأسها. وبدا لي من الواضح أن كل الجيوش الفرنسية تريد الانسحاب، استبحت ذلك من كميات البارود الهائلة التي أحرقوها في أوقات مختلفة دون أن يشكل انفجارها ما نسميه «بالفومادة» وعندما صارت هذه الجيوش تقطع وادي الرمل هاجمتها فعليا، ولكنني بمجرد ما سمعت طلقتين من أحد مدافع البارود في المنصورة أدركت أن العدو أمر بالعودة إلى عنابة فخففت المطاردة، وأصدرت أمرا لجميع فرقي حتى تترك الجيوش الفرنسية تنسحب.
ورفضت أن أغتنم فرصة رداءة الطقس لألحق خسائر أخرى بالفرنيين قائلا في قرارة نفسي: لو أننا نبيد الجيش كله بمطاردتنا هذه ومواصلة هجوماتنا المستمرة، فإن فرنسا - القوة التي لا تقف في وجهها قوة - ستعمل بصرامة على أخذ ثار هذه الهزيمة، الأمر الذي قد يؤدي إلى هلاكي.» ومن جهة أخرى كنت آمل أن الفرنسيين سيوفدون إلي في خضم هذه الأحداث، شخصا يفاوضني ويعمل معي على إرساء سلم متين نستخرج بذوره من هذه الحرب. غير أن أملي كان بلا جدوى وأن أحدا لم يأمني.
1 / 53