ومن الشعراء المحدثين المرعث، وهو بشار بن برد، واسمه المرعث مولى عقيل، وكان أعمى. وقيل له المرعث لقوله:
منْ لظبيٍ مرعثٍ ... ساحرِ الطرفِ والنظرْ
قال لي: لستَ بنائلي ... قلتُ: أو يغلبُ القدرْ
وقيل: سمي بالمرعث لأنه ولد وهو مشقوق طرف الأذن، فقالوا: ولد مرعثًا، أي لم يحتج إلى أن تثقب أذنه.
ومنهم شهوات، واسمه موسى. وإنما سمي شهوات لقوله في يزيد بن معاوية:
لست منا، وليس خالدُ منا ... ما نضيعُ الصلاةَ للشهواتِ
ومنهم عويف القوافي، وهو عويف بن عيينة بن حصن. وسمي بذلك لأنه قال:
سأكذبُ منْ قد كان يزعمُ أنني ... إذا قلتُ قولًا لا أجيدُ القوافيا
ومنهم الفرار، الذي قال رسول الله ﷺ لنبي سليم: إلى من أرفع لواءكم؟ قالوا: إلى الفرار. فكره صلى الله عليه ذلك. فقالوا: إنما اسمه حيان بن الحكم، وغنما سمي الفرار لقوله:
وكتيبةٍ ألبستها بكتيبةٍ ... حتى إذا ألتبستْ نفحتُ بها يدي
ويروى: نفضت بها يدي.
هل ينفعني أنْ تقولَ نساؤكمْ ... وكلت خلفَ شريدهم: لا تبعدِ
ومنهم طرفة، واسمه عمرو بن العبد بن سفيان بن سعد بن مالك. وإنما سمي طرفة لقوله:
لا تعجلا بالبكاءِ اليوم مطرفًا ... ولا أميركما، بالدارِ، إذْ وقفا
قوله: مطرف، أي مجلوب، فهو ينزع إلى وطنه. قال ذو الرمة:
كأنني من هوى خرقاءَ مطرفٌ
ومنهم صريع الغواني، وهو مسلم بن الوليد الأنصاري. وإنما سمي بذلك لأن الرشيد، ﵁، إستنشده قصيدته:
أديرا عليَّ الكأسَ لا تشربا قبلي
فأنشده، فلما بلغ حيث يقول:
هلِ العيشَ إلا أنْ تروحَ مع الصبا ... وتغدو صريعَ الكأسِ والأعينِ النجلِ
فقال الرشيد: سموه صريع الغواني. فهجاه بعضهم فقال:
فما ريحُ السذابِ أشدُّ بغضًا ... إلى الحياتِ منكَ إلى الغواني
ومنهم مجتني المروءة، وهو عبد الله بن أحمد الحنفي، وكان صديقًا لعبد الله بن المقفع. وإنما لقب بذلك لكثرة ذكر المروءة في شعره وقوله:
لا تحسبنْ أنَّ المرو ... ءةَ مطعمٌ، أو شربُ كاس
أوْ في الولايةِ والموا ... كبِ، والمراكبِ، واللباس
لكنها كرمُ الفرو ... عِ، زكتْ على كرمِ الأساس
وقوله أيضًا:
ليسَ المروءةُ بالدراهمْ ... بل المروءة بالمكارمُ
كم من غنيٍّ سفلةٌ ... ومقلِّ قومٍ ذي معالمُ
فصل في ذكر من لقب من الشعراء بعلامة من خلقه وبظاهر من لونه
منهم الأخضر، وهو الفضل بن عباس بن عتبة بن أبي لهب. وإنما سمي الأخضر لأنه كان أدمًا شديد الأدمة والأدم عند العرب: الأخضر. ويسمون الأبيض أخضر. وسمي آدم ﵇ لأنه كان أبيض. وقال الفضل:
وأنا الأخضرُ منْ يعرفني ... أخضر الجلدةِ من نسلِ العربْ
قال: والأخضر أيضًا في كلام العرب: الأسود. ويسمون الليل: الأخضر، والماء: الأخضر. قال الراجز:
وعارضُ الليلِ إذا ما أخضرا
ولذلك سمي السواد، لكثرة الأشجار، وخضرتها.
ومنهم الحطيأة، واسمه جرول بن مالك. وإنما سمي الحطيأة لقصره.
ومنهم الأقيشر، واسمه عقبة من بني عميرة. وسمي الأقيشر لشدة حمرة لونه، والأقشر: الشديد الحمرة، وقوله:
إني أنا الأقشرُ ذاكم نزبي ... أنا الذي يعرفُ قومي حسبي
والنزب والنبز: اللقب. وهذا من المقلوب، وهو النبز. كمل قالوا: جبذ وجذب، وما أطيبه وما أيطبه.
ومنهم أيضًا أقيشر آخر، كان يغضب إذا دعوه الأقيشر، ويخاصم. وهو المغيرة بن عبد الله بن الأسود. ودعاه بعضهم بالأقيشر، فقال له:
أتدعوني الأقيشرَ، ذاك إسمي ... وأدعوكَ ابن مطفئةِ السراجِ
فسمي ذاك الرجل بابن مطفئة السراج.
ومنهم الأخطل، وهو غياث بن غوث بن الصلت. وإنما سمي الأخطل لكبر أذنه. والخطل: المسترخية الآذان. يقال: شاة خطلاء، ورجل أخطل، أي عظيم الأذن. والخطل: الحمق. والخطل: خفة وسرعة. ويقال: خطل في كلامه، إذا أخطأ. ومن ألقاب الأخطل: دوبل. وقال جرير:
بكى دوبلٌ، لا يرقئ الله دمعهُ ... ألا إنما يبكي من الذلِّ دوبلُ
1 / 3