Mısır, 19. Yüzyılın Başlarında: 1801-1811 (Birinci Cilt)
مصر في مطلع القرن التاسع عشر ١٨٠١–١٨١١م (الجزء الأول)
Türler
ولم يفطن «دروفتي» إلى المقصود من هذا النشاط في بادئ الأمر، فقال في 6 فبراير: «إنه يبدو أن البكوات قد أحبوا في خورشيد باشا خلقه الموسوم بالاعتدال وحب السلام، حتى إنه؛ أي دروفتي ليجرؤ على القول بأنه إذا تقرر وضع الأمور في نصابها السابق والقديم؛ أي عودة الحكومة المملوكية، وإعطاء مصر فترة قصيرة من الهدوء الداخلي؛ كان من المحتمل أن يصبح خورشيد الرجل الذي يصلح لباشوية مصر في عهد هذه الحكومة المملوكية»، ولكنه ما إن وقف من «لسبس» على حقيقة مساعي الوكلاء الإنجليز وتأييدهم لهذه الخطوة، وطلب إليه «لسبس» أن يحاول جس نبض خورشيد باشا؛ ليقف منه على مدى الدور الذي يقوم به هؤلاء للتقريب بين خورشيد والبكوات؛ حتى تنبه لخطورة هذه المساعي، فانتهز زيارة خورشيد باشا له يوم 8 نوفمبر، وتحدث إليه عن وصول «ريجيو» إلى الإسكندرية، وقال «دروفتي» إنه ربما كان هناك احتمال في بلوغ خورشيد منصب باشوية القاهرة، ولكن خورشيد أجاب بأنه لا يريد الحديث في هذه المسألة ولا يريد أن يعرف شيئا عنها، والواجب انتظار قرار القسطنطينية، فحذره دروفتي من مساعي الإنجليز الذين يعملون دائما ضد مصالح الباب العالي ويريدون احتلال مصر، وأكد خورشيد أنه «لا موضوع في هذه اللحظة عن أي كلام في إعطاء الإسكندرية للبكوات أو السماح لجند أجانب باحتلال حاميتها.»
ويبدو أن خورشيد - وقد اتضحت له نوايا البكوات وعرف أن غرضهم المباشر من عرض باشوية القاهرة عليه إنما هو الاستيلاء على الإسكندرية وإخضاعه لسلطان حكومتهم في القاهرة - قد أدرك خطورة قبوله هذا المنصب في الظروف الراهنة، ورفض أن يكون تسليم الإسكندرية ثمنا لهذه الباشوية، أضف إلى هذا أن حادث الفتك بعلي الجزائرلي كان لا يزال ماثلا في الأذهان، كما أن موقف الباب العالي من البكوات بعد هذا الحادث لم يكن قد عرف بعد، فصمم خورشيد على عدم تسليم الإسكندرية للبكوات، وعلى ذلك، فقد كتب دروفتي من الإسكندرية إلى «ماثيو لسبس» في 9 فبراير 1804 «إن خورشيد باشا لا يستطيع فعل شيء دون أن يصله فرمان الباب العالي بالباشوية على مصر، كما أظهر جاثم أفندي خوفه من أن يحاول المماليك الاستيلاء على الإسكندرية عنوة وبقوة السلاح إذا رفض خورشيد اقتراحهم، وسأل «دروفتي» عما إذا كان في وسعه أن يجعل القناصل بالإسكندرية والقاهرة يتدخلون لمنع البكوات من القيام بأي عمل، ووقف كل الخطوات التي يريدون اتخاذها سواء بطريق المفاوضة أم بطريق العمليات العسكرية للاستيلاء على الإسكندرية حتى تأتي تعليمات الباب العالي.»
وعاد «دروفتي» فكتب بعد يومين إلى «لسبس»: «إن جاثم أفندي قد أكد له أنه من المفهوم طبعا استحالة الاستماع لمقترحات البكوات حتى يحال الأمر على الباب العالي وتأتي التعليمات من الأستانة. وفضلا عن ذلك فإن خورشيد سوف يضمن للبكوات أن الفرنسيين لن يحضروا للاستيلاء على الإسكندرية، كما عاد جاثم أفندي إلى الحديث في مسألة تدخل القناصل مع البكوات لإرجاعهم عن محاولة الاستيلاء عنوة على الإسكندرية»، واستطاع «دروفتي» أن يقف على الغرض من إرسال «ريجيو» إلى الإسكندرية، فقال: «إن مهمته الأساسية تنحصر في أن يطلب من خورشيد قبول باشوية القاهرة، وقبول احتلال الإسكندرية بجند تابعين للبكوات، ولكنه تقرر - كما استطرد دروفتي يقول، وبناء على ما أبلغه إياه كل من خورشيد باشا نفسه وجاثم أفندي والقبطان بك - «أن يجيب هؤلاء على مقترحات البكوات بأنه لم تكن لديهم أية تعليمات من الباب العالي بإعطاء الإسكندرية للمماليك، وأنهم سوف يضطرون للدفاع عنها إذا حاول إنسان دخولها عنوة وبقوة السلاح.»
وبالفعل بدأت منذ 12 فبراير حركة الأسطول العثماني في الميناء القديمة، «دليلا على أنه يريد الخروج إلى عرض البحر، استعدادا للحركات العسكرية وقت الحاجة» على نحو ما كتب دروفتي إلى «ماثيو لسبس» بعد ذلك.
وكان في أثناء هذه الحوادث أن وصلت السفينة الإنجليزية «أرجو» بقيادة الكابتن «هالويل» تحمل «محمد الألفي» إلى الشواطئ المصرية، وقد قابل «هالويل» - بعد إنزال الألفي عند أدكو - ومعه «بريجز» خورشيد باشا، وأكدا له قرب وصول جيش فرنسي إلى مصر، فكتب «دروفتي» للجنرال «برون» في 18 فبراير عن أثر هذه المقابلة في نفس خورشيد باشا، قال: «إنه صار مصمما الآن أكثر من أي وقت مضى؛ على الدفاع عن الإسكندرية ضد المماليك وضد الإنجليز وضد الفرنسيين؛ حيث إنه ليس لديه أوامر ما بتسليم الإسكندرية»، وهكذا أخفق «ريجيو» في مهمته وغادر الإسكندرية دون أن يظفر بإجابة مرضية واتخذ خورشيد خطوات معينة لدفع القوة بمثلها.»
ولما كان «مسيت» قد غادر القاهرة إلى الإسكندرية في 23 فبراير فقد اجتمع عند وصوله إليها بخورشيد باشا، ولكنه أخفق كذلك في محاولة إقناعه؛ أي خورشيد بتسليم الإسكندرية فأبلغ حكومته في 2 مارس معللا سبب إخفاقه بأنه قد تأكد لديه من محادثاته مع خورشيد «أن الباب العالي لم يكن مخلصا في صلحه مع البكوات، وأنه في فرماناته الأخيرة إنما رضي بالتنازل لهم عن الأماكن التي لم تصبح في قبضته هو فحسب، ويعلن خورشيد باشا أن لديه أوامر قاطعة بعدم السماح للمماليك أو الأرنئود بالدخول إلى الإسكندرية، ويقول إنه تثبت في مركزه كحاكم للإسكندرية في نفس الوقت الذي كان فيه كل جزء من أجزاء مصر الأخرى في قبضة البكوات وتحت سيطرتهم، فلو أن الإسكندرية كانت معدودة فعلا من هذه الأماكن لنحى الباب العالي خورشيد عنها، ولكان من حق البكوات أن يعينوا كاشفا يحكمها - كما كان الحال قبل الغزو الفرنسي.»
وقد أقر الباب العالي خورشيد واعتبر من حسن الحظ أن يكون هذا مواليا لتركيا، وقد ظهر ارتياح الباب العالي عندما وقف الجنرال «برون» من الريس أفندي عند اجتماعه به على تفصيلات ما حدث، ثم كتب إلى حكومته في 12 مارس «أن الباب العالي قد أصدر أمره إلى خورشيد باشا بأن لا يقبل جنود البكوات في المدينة وأن يحافظ على الإسكندرية، ويحول دون دخول أية نجدات إليها عدا تلك التي ترسلها إليه حكومته برا وبحرا، ثم استطرد يقول: وهناك ست سفن في مياه القسطنطينية مستعدة للسفر إلى الإسكندرية؛ إذ قال الريس أفندي إن الإنجليز منذ حادث خسرو باشا قد دأبوا على الرغبة في التدخل في شئون مصر.»
وأما البكوات فقد شغلهم عن مسألة الإسكندرية، وعرض باشوية القاهرة على خورشيد باشا وصول الألفي من سفارته في لندن.
رابعا: مطاردة الألفي
أنزل المركب الحربي «أراجو» محمد الألفي عند أبي قير، ووصل الألفي إلى إدكو سيرا على قدميه، وفي 14 فبراير وصل إلى رشيد، فخرج لمقابلته في منتصف الطريق يحيى بك البرديسي حاكمها وعمر بك رئيس الأرنئود، وحيت المدينة دخول الألفي إليها بعد منتصف الليل بإطلاق المدافع من السفن في النيل، وقابله أهلها في صبيحة اليوم التالي واحتفوا به، كما قابله القناصل، ونزل الألفي في مركب «البطروشي» نائب القنصل البريطاني قاصدا السير في النيل إلى القاهرة، وبادر يحيى بك بإبلاغ البكوات في القاهرة نبأ وصول الألفي، فعلمت به القاهرة في 17 فبراير، وأسرع الألفي الصغير بإطلاق المدافع من موقعه بالجيزة تحية لرئيسه، كما أرسل أوامره للبكوات والكشاف من بيت الألفي بالذهاب لاستقباله، ولبى هؤلاء هذه الدعوة بحماس شديد حتى إن أحد البكوات مع ثلاثة من الكشاف سرعان ما خرجوا في مساء اليوم نفسه يعسكرون بين إمبابة والجيزة في انتظار وصوله.
Bilinmeyen sayfa