Mısır, 19. Yüzyılın Başlarında: 1801-1811 (Birinci Cilt)
مصر في مطلع القرن التاسع عشر ١٨٠١–١٨١١م (الجزء الأول)
Türler
وقالت الحكومة الإنجليزية في رسالتها «لدراموند» في 20 ديسمبر، إن سلطة تركيا في مصر تكاد تكون معدومة تماما وإن الموقف في هذه البلاد قد أثار اهتمام الحكومة الإنجليزية التي تريد استتباب الأمن في مصر، ومن حق إنجلترا - بفضل ما أسدته من خدمات للباب العالي - أن تتحدث إليه في وضوح وصراحة فتذكر الخدمات الجوهرية التي أداها البكوات المماليك للجيش البريطاني وقت أن كلف بفتح مصر من جديد، وترى الحكومة الإنجليزية لذلك أن من حق هؤلاء البكوات أن يسترجعوا المركز الذي كان لهم وقت الغزو الفرنسي، وعلى ذلك فإن كل اتفاق آخر من طراز ذلك الذي اقترحه الباب العالي على اللورد «إلجين» في يناير سنة 1803 إنما هو اتفاق ناقص ولا يحقق الغرض المنشود، فإنه إذا نظرت الحكومة العثمانية إلى مركز المماليك بهدوء ودون التأثر بعواطف جامحة، واعترفت بأن جندها الأتراك انهزموا دائما على أيدي المماليك الذين يستولون الآن على مصر بأسرها ما عدا الإسكندرية، وأنه لم يعد في قدرة الباب العالي توطيد سيطرته في مصر؛ لاتضح لها؛ أي الحكومة العثمانية أن من صالح الباب العالي نفسه أن يصل إلى اتفاق وتسوية مع المماليك وأن يقتسم السلطة معهم في مصر.
وفي نظر الحكومة الإنجليزية، لا يوجد سوى أساس واحد للاتفاق هو: أن يعترف البكوات بسيادة الباب العالي وأن يدفعوا له خراجا سنويا يزيد على الخراج القديم إذا رغب السلطان العثماني في ذلك، وأن يعتبر البكوات أنفسهم ملزمين أمام جلالة ملك بريطانيا بتنفيذ هذا الاتفاق، وبهذه الشروط يترك للبكوات ممارسة السلطة والانتفاع بالمزايا التي كانت لهم قبل مجيء الفرنسيين إلى مصر.»
وهكذا يكون الألفي، بفضل تضافر العوامل التي ذكرناها، قد نجح في مهمته في لندن، وفي 20 ديسمبر غادر لندن إلى بورتثموت، ومنها نقلته السفينة الحربية «أرجو
Argo » بقيادة «بنيامين هالويل
Benhamin Hallowell » في آخر ديسمبر إلى مصر، فمرت بمالطة، ثم أنزل الألفي في 14 فبراير سنة 1804 في إدكو بين الإسكندرية ورشيد.
وقد تأثر الألفي بمشاهداته وتجاربه في هذه السفارة فقال الجبرتي: إنه كان من أثر رحلته إلى بلاد الإنكليز وغيابه بها سنة وشهورا أن تهذبت أخلاقه بما اطلع عليه من عمارة بلادهم وحسن سياسة أحكامهم وكثرة أموالهم ورفاهيتهم وصنائعهم وعدلهم في رعيتهم مع كفرهم بحيث لا يوجد فيهم ولا مستجد ولا ذو فاقة ولا محتاج، وقد أهدوا له هدايا وجواهر وآلات فلكية وأشكالا هندسية وأسطرلابات وكرات ونظارات، وفيها ما إذا نظر الإنسان فيها في الظلمة يرى أعيان الأشكال كما يراها في النور، وفيها بخصوص النظر في الكواكب، فيرى بها الإنسان الكوكب الصغير عظيم الجرم وحوله عدة كواكب لا تدرك بالبصر الحديد.
ومن أنواع الأسلحة الحربية أشياء كثيرة ... وأخبرني بعض من خرج لملاقاته عند منوف العلا أنه لما طلع إليها وقابله سليمان بك البواب ... وكان قد بلغ «الألفي» كل أفعاله بالمنوفية من العسف والتكاليف وكذا باقي إخوانه وأفعالهم بالأقاليم، فكانت مسامرتهم معه في تلك الليلة في ذكر العدالة الموجبة لعمار البلاد، ويقول لسليمان بك في التمثيل: «الإنسان الذي يكون له ماشية يقتات هو وعياله من لبنها وسمنها وجبنها يلزمه أن يرفق بها في العلف حتى تدر وتسمن وتنتج له النتائج، بخلاف ما إذا أجاعها وأجحفها وأتعبها وأشقاها وأضعفها حتى إذا ذبحها لا يجد بها لحما ولا دهنا، فقال هذا ما اعتدناه وربينا عليه، إن أعطاني الله سيادة مصر والإمارة في هذا القطر لأمنعن هذه الوقائع وأجري فيها العدل ليكثر خيره وتعمر بلاده، ويرتاح أهله، ويكون أحسن بلاد الله.»
ولكن الألفي لم تتح له فرصة الإمارة على مصر، ولم تفده أو سائر البكوات شيئا تلك الوعود التي قطعها الإنجليز على أنفسهم بمؤازرتهم لاسترجاع سيطرتهم القديمة على حكومة البلاد.
مشروعا دراموند وألكسندر بول
وترتد أصول ما حدث من تطور ظاهر في السياسة الإنجليزية نحو مصر بعد جلاء الجيش البريطاني عنها، إلى ما سبق بيانه عند ذكر الأسباب التي ساعدت الألفي على النجاح في مهمته؛ ذلك أن جلاء الجنرال ستيوارت مع القوات الإنجليزية من مصر لم يكن معناه أن إنجلترا صارت مطمئنة إلى حالة الدفاع عن هذه البلاد أو أنها صارت لا تخشى من تجدد نزول الفرنسيين بها وإغارتهم عليها، أو أنها اعتقدت أن صلح أميان قد نجح في تسوية الأمور في أوروبا وفي مصر معا، بل على العكس من ذلك لم تلبث أن ازدادت مخاوف الإنجليز بسبب فشل مساعيهم من أجل التوفيق بين الباب العالي والمماليك، وإلحاح الحكومة الفرنسية - كما رأينا - في ضرورة تنفيذ معاهدة الصلح فيما يتعلق بإخلاء مصر، ثم نشر تقرير سباستياني منذ يناير 1803، وذيوع الاعتقاد بين السياسيين والعسكريين الإنجليز على السواء بسبب ذلك كله بأن فرنسا لا زالت طامعة في احتلال مصر وامتلاكها فتمسكوا بمالطة كمركز هام يمكنهم من مراقبة نشاط الفرنسيين في الليفانت وفي المياه المصرية خصوصا.
Bilinmeyen sayfa