Mısır, 19. Yüzyılın Başlarında: 1801-1811 (Birinci Cilt)
مصر في مطلع القرن التاسع عشر ١٨٠١–١٨١١م (الجزء الأول)
Türler
أما في مصر فقد حدث بعد ذهاب «بلانتاير» إلى القسطنطينية، أن جعلت هزيمة الأتراك في معركة دمنهور أو الحوش خسرو باشا يبعث مندوبا من قبله مع ترجمانه إلى «ستيوارت» بالإسكندرية يقترح عليه حلا لمسألة المماليك أن يبقى هؤلاء في مصر ولكن على شريطة تسليمه رؤساءهم الأربعة فيخرج هؤلاء من مصر للعيش في أي مكان آخر من أملاك الدولة مع إعطاء معاشات لهم، أو يتوسط «ستيوارت» لوقف القتال حتى تحال المسألة على القسطنطينية للبت فيها، ووصل مندوبا خسرو إلى الإسكندرية في 10 ديسمبر 1802، ولما كان «ستيوارت» يعتقد أن غرض خسرو من ذلك التسويف والمماطلة، فقد رفض الاتفاق على غير القواعد التي وضعتها حكومة لندن، وظل «ستيوارت» يطلب من حكومته تخويله التدخل بنشاط لوقف القتال بين العثمانيين والبكوات، ووضع حد للحرب الأهلية، وقال في رسالته إلى هوبارت في 7 ديسمبر إن غرضه من ذلك «أن يكون لإنجلترا النفوذ الذي كان يجب أن يكون من نصيبها من مدة طويلة بسبب جهودها التي بذلتها وأعمالها التي قامت بها في مصر»، ولكن الحكومة الإنجليزية - كما سبق القول - اعتبرت أن ستيوارت قد فشل في مهمته، واتخذت قرار الإخلاء المعروف في 27 نوفمبر، ووصل هذا القرار ستيوارت في 20 يناير سنة 1803، وحاول ستيوارت محاولة أخيرة قبل جلاء قواته من مصر، فبعث «بالميجور مسيت» إلى خسرو باشا يبلغه هذا القرار ويحاول - كما كتب سيتوارت لهوبارت في 20 يناير - أن يقنعه بإبرام اتفاق في صالح البكوات، ولكن دون جدوى، وحدد خسرو شروط النفي كأساس لأي اتفاق معهم، وفي 28 فبراير كتب ستيوارت إلى هوبارت يذكر له أنه ذهب إلى معسكر البكوات فجمع زعماءهم شيوخ العرب وبين لهم «أنه وإن كان يكن لهم صداقة كبيرة إلا أن واجبه قد صار يحتم عليه إنهاء المساوئ التي وقعت في الأزمة الحالية - بسبب وجودهم - على السكان في الوجه البحري، ثم ذكر لهم أنه إذا استمر الباب العالي مترددا في مسألة شروط صلحه معهم، فإن أرض الصعيد مفتوحة أمامهم، وأنه ينتظر منهم عودتهم ثانية إلى الصعيد في سلام وأن ينتظروا هناك نتائج ما يبدونه من اعتدال إلى جانب توسط الإنجليز الذي سوف يستمر في صالحهم.
ومما يجدر ذكره أن البكوات طلبوا في هذه المقابلة أن يذهب واحد منهم إلى لندن كممثل لهم ليعرض شكاياتهم على الحكومة الإنجليزية ويرجوها عدم التخلي عنهم ومواصلة الاهتمام بأمرهم، وقال ستيوارت ومع أنه اعترض على ذهاب واحد منهم بهذا الوضع؛ أي كممثل لهم في لندن، فقد اعتبر أن وجود أحد البكوات في لندن «يكون بمثابة الحلقة الأولى من سلسلة ذلك النفوذ «الإنجليزي» الذي قد يمكن تعهده بالرعاية وتعزيزه، ولما كان الألفي بك قد أبدى رغبة في الانسحاب إلى إنجلترا، استجاب ستيوارت لإلحاحه في قوة وشدة أنه يسمح له بالسفر مع الجيش «البريطاني»، والألفي يتمتع باحترام كبير بين المماليك والعرب «البدو»، وقد يصبح لذلك أداة قوية في يد الحكومة الإنجليزية في حالة وقوع تلك الحوادث التي أبدت الحكومة الإنجليزية رغبتها في الاستعداد لمواجهتها، وفي الوقت نفسه لمعارضة أو مقاومة الفرنسيين ومنعهم من تأسيس نفوذهم مع «المماليك» الذين سوف يشعرون بخيبة الأمل بعد رحيل الإنجليز، فيتسنى للفرنسيين عندئذ أن يصبحوا منافسين أقوياء لهم.»
وكان البكوات قد كتبوا له كذلك في 20 فبراير بعد زيارته لهم في معسكرهم، أنهم قد وافقوا على الذهاب إلى الصعيد ليقيموا بأسيوط، ولكنهم رجوه «أن يسمح لأحد إخوانهم بأن يصحب الجيش الإنجليزي إلى إنجلترا؛ حتى يعرض على جلالة ملك بريطانية كل ما قاسوه منذ أن نزلوا من الصعيد حتى يضموا قواتهم إلى قوات جلالته لطرد الفرنسيين الذين كانوا أعداء جلالته وكذلك أعداء سلطانهم المعظم، وحتى يرجوا جلالته أن يهتم بأمرهم ويتوسط لدى السلطان المعظم حتى يصفح عن الأخطاء التي يكونون قد ارتكبوها في الماضي، وأن يعطيهم السلام الذي يريدونه ويطلبونه من كل قلوبهم»، ومنذ أوائل مارس سنة 1803 بدأ البكوات انسحابهم صوب الصعيد.
ولما وقف ستيوارت على نتائج بعثة بلانتاير إلى القسطنطينية، وعرف الاتفاق الذي تم هناك في 3-5 يناير، واعتبر أن اختيار مديرية أسوان التي تتألف من جزيرتين أو ثلاث جزر في مجرى النهر وشريط ضيق من الأرض بين شاطئ النهر الغربي والصحراء، إن هو إلا برهان جديد على خداع الباب العالي، فقد رفض أن يكون له شرف تقديم هذا الاتفاق إلى البكوات، وفي 11 مارس سنة 1803 غادر ستيوارت الإسكندرية إلى مالطة وأبحر معه الألفي في طريقه إلى إنجلترا، وتم إبحار الجيش في 12 مارس.
وقد ترك ستيوارت في مصر بعثة تتألف من الميجر «مسيت» وكيلا بريطانيا في القاهرة والكابتن «هايز
Hayes » من سلاح المهندسين، وكان خسرو قد طلب ضابطا لمدة بضعة أسابيع للإشراف على أعمال التحصينات في القاهرة ورشيد، ثم السيد «بريجز
Briggs » وهو رئيس بيت تجاري بالإسكندرية، عينه ستيوارت مؤقتا ليقوم بأعمال القنصل بالإسكندرية حتى تأتي موافقة الحكومة ، وفي تعليماته إلى «مسيت» في 8 مارس، طلب منه أن «يستخدم كل ما لديه من نفوذ لإبطال المكائد الفرنسية، وأن يثير دائما العقبات في طريق الفرنسيين حتى يحول دون اتساع علاقاتهم مع الأتراك، وأما فيما يتعلق بالمماليك فقد أوصاه بعدم التدخل في مسألة علاقاتهم مع الأتراك كما أوصاه بعدم التدخل في الشئون الداخلية إلا إذا وصلته من حكومته في لندن أوامر تجيز له ذلك»، وأوصى ستيوارت الكابتن «هايز» في تعليماته إليه في التاريخ نفسه بعدم التدخل إلا إذا جاءته تعليمات بذلك، كما طلب منه الامتناع عن الاشتراك مباشرة أو غير مباشرة في أية مشروعات قد يقترحها عليه «الباشا» ضد المماليك.
وكانت الحكومة الإنجليزية نفسها هي المسئولة في واقع الأمر عن فشل «ستيوارت» في مهمته؛ ذلك أنه عندما استمر قواد الجيش البريطاني في مصر في أثناء عام 1801، وأرادت أن تنتهز فرصة ما أدركته من سمعة طيبة أكسبتها إياها انتصاراتها حتى تعمل لتنظيم شئون مصر الداخلية، بالصورة التي تتفق مع مصلحة إنجلترا؛ رفضت الحكومة الإنجليزية التدخل، واقتصرت على إبداء النصح للباب العالي فحسب، ولم يأخذ الباب العالي بطبيعة الحال بالنصائح التي قدمتها له، فلم تتخذ الحكومة الإنجليزية موقفا معينا في مسألة البكوات على أساس إشراكهم في حكومة مصر إلا في غضون عام 1802، ولكن هذا التدخل كان قد فات أوانه، وجاء في وقت كانت ذكريات النصر والخدمات التي أسدتها إنجلترا للباب العالي قد تنوسيت وعفت آثارها، وعندما بدأت المفاوضات الجدية لبحث هذه المسألة، ظهر تضارب المصالح بين الدول - خصوصا إنجلترا وفرنسا - واستطاع الباب العالي أن ينتفع من هذا التضارب للتحرر في الحقيقة من سلطان صديق وحليف ظاهر «إنجلترا» لتنفيذ الخطة التي رسمها الوزراء العثمانيون، فلم يكن الاتفاق أو التسوية التي ابتكروها في 3-6 يناير سنة 1803 للتخلص قبل كل شيء من تدخل القنصل الأول، سوى خطوة لا جدوى منها ولا طائل تحتها، وكان هذا الفشل من الأسباب التي حملت الإنجليز فيما بعد على اللجوء إلى توثيق عرى صلاتهم بالمماليك مباشرة، عن طريق الألفي خصوصا، ثم إذا تبين عدم نفع هذه الوسيلة كذلك، محاولة التدخل المسلح بإرسال حملة فريزر المعروفة، وقد فشلوا في ذلك أيضا لأسباب سوف يأتي ذكرها في حينه.
سفارة الألفي في لندن
وصل الأسطول الإنجليزي الذي نقل الجيش والألفي إلى مالطة في 27، 28 مارس سنة 1803، ووجد الألفي نفسه على غير ما كان ينتظر، يكاد يكون في شبه اعتقال صارم، ومرغما على البقاء بمالطة زمنا طالت مدته بدلا من الذهاب فورا إلى لندن، ولم تجده نفعا صفة السفير التي اتخذها لنفسه في إثارة اهتمام السلطات الإنجليزية في مالطة، بل فرضت هذه السلطات رقابة شديدة عليه؛ لمنعه من الاتصال بالحزب الفرنسي في الجزيرة في وقت كان من المتوقع فيه قيام الحرب قريبا بين إنجلترا وفرنسا، وتتوقف سيطرة الإنجليز في البحر الأبيض وبالتالي منع تجدد الغزو الفرنسي عن مصر خصوصا على مصير هذه الجزيرة، واحتج الألفي على احتجازه في مالطة، وعلى الرقابة الصارمة التي فرضت عليه ولكن دون طائل، فبقي بها حوالي الشهرين حتى قامت الحرب فعلا بين إنجلترا وفرنسا في مايو سنة 1803، ثم جاءت في بداية يونيو الأخبار من «مسيت» و«هايز» تنبئ بما وقع في مصر من طرد خسرو باشا من القاهرة وعصيان الجند الأرنئود، وأنه قد بات من المحتمل جدا في هذه الظروف أن البكوات سوف لا يقفون مكتوفي الأيدي ويدعون هذه الحوادث تمر دون الاستفادة منها لصالحهم، وعندئذ صار من رأي «السير ألكسندر بول
Bilinmeyen sayfa