Mısır, 19. Yüzyılın Başlarında: 1801-1811 (Birinci Cilt)
مصر في مطلع القرن التاسع عشر ١٨٠١–١٨١١م (الجزء الأول)
Türler
وقد أظهر هذا الكتاب تصميم الباب العالي على إخراج المماليك من البلاد كلية، الأمر الذي يتنافى مع أغراض السياسة الإنجليزية، لا سيما وأن مقدمات الصلح في لندن كانت قد أبرمت بين إنجلترا وفرنسا منذ أول أكتوبر، ونصت مادتها الخامسة على إرجاع مصر إلى تركيا وضمان كيان الإمبراطورية العثمانية، فضلا عن وصول «سباستياني» إلى القسطنطينية بعد عقد مقدمات الصلح بين تركيا وفرنسا في باريس في 11 أكتوبر، فعرض وساطة القنصل الأول بين الباب العالي والمماليك، واعتقد «إلجين» أن القنصل الأول يريد منع تأسيس أي نظام حكومي أو اتخاذ داخلي في مصر، أو تنظيم أي دفاع قد يحاوله الإنجليز، على أمل أن يستطيع إذا نجح في ذلك تجديد مشروعات فتوحه بمجرد نقل القوات الإنجليزية من البحر الأبيض، ولما كان من المنتظر حسب مقدمات الصلح بين إنجلترا وفرنسا أن يعقد مؤتمر في أميان لتقرير السلام النهائي، فقد اقتنع «إلجين» بضرورة ذهابه هو نفسه إلى مصر حتى ينهي مسألة المماليك بالاتفاق مع اللورد «كافان» والصدر الأعظم والقبطان باشا، ولكنه اضطر إلى العدول عن السفر بسبب إلحاح الباب العالي عليه بعد السفر، فاختار لهذه المهمة سكرتير السفارة البريطانية في القسطنطينية «ألكسندر ستراتون
Alexander Straton » وبذهاب ستراتون إلى الإسكندرية والقاهرة دخل التوسط البريطاني بين الباب العالي والمماليك في مرحلته الثانية لحسم الخلافات بينهما من أجل التوصل لإنشاء الحكومة المستقرة والقوية في مصر، والتي تستطيع رد الغزو الفرنسي عنها إذا تجدد، وكانت هذه المحاولة فاشلة كسابقتها.
مهمة ستراتون
وكان ذهاب «ستراتون» في مهمته بناء على اتفاق الوزراء العثمانيين مع «إلجين» وموافقتهم على إرساله، فقد صدرت إليه تعليمات من الباب العالي كما أصدر «إلجين» إليه تعليماته، وكانت تعليمات الأخير إليه قسمين: أحدهما عادي والآخر سري، ويتضح من تعليمات الباب العالي التي صاغها في «مذكرة مرسلة إلى «ستراتون» بتاريخ 10 ديسمبر سنة 1801، أن الفكرة أو «الاعتقاد» الذي خرج به الوزراء العثمانيون من مؤتمرهم مع «إلجين» في 14 سبتمبر والتي دعت لتدبير مكيدة أكتوبر ولكتابة السلطان سليم إلى ملك إنجلترا في نوفمبر؛ كانت المسيطرة على سياستهم، بينما تدل تعليمات إلجين العادية والسرية، والاثنان بتاريخ 12 ديسمبر كذلك؛ أولا: على أن هدفه الرئيسي كان الوصول إلى تسوية تنهي الخلاف بين الباب العالي والمماليك حتى يتسنى الغرض المباشر من مساعي الدبلوماسية الإنجليزية وهو إنشاء حكومة موطدة في مصر تستطيع الدفاع عنها ضد الغزو الأجنبي «الفرنسي». وثانيا: أن إلجين في سبيل تحقيق هذه الغاية قد تخلى عن المبدأ الذي عمل له منذ بداية الوساطة البريطانية في القسطنطينية وهو إرجاع أملاك وامتيازات البكوات إليهم؛ أي بقاؤهم في مصر، يؤلفون عنصرا هاما من عناصر الحكومة المزمعة، في نظير اشتراكهم في واجب الدفاع عن البلاد. وثالثا: أن إلجين كان يجهل مدى الارتباطات التي ارتبط بها هتشنسون مع البكوات، وصار يعتقد أنه لا يجب أن تحول أية ارتباطات مهما كان نوعها دون تحقيق رغبة حكومته وسياستها التي اعتبر أنها كانت دائما إرجاع مصر إلى تركيا.
أما في مذكرة الباب العالي لإسكندر ستراتون، فقد طلب الوزراء العثمانيون أن يجري تسليم البكوات المقيمين لدى القائد والضباط الإنجليز إلى الصدر الأعظم دون استثناء أحد منهم حتى يصير إرسالهم إلى القسطنطينية، وهذا إذا لم يشأ القائد الإنجليزي أن يقوم هو نفسه بإرسالهم، ثم وعدوا باحترام وعدم مساس أملاك الرؤساء المماليك، وأن تباع بيوت هؤلاء في مصر ويعطوا أثمانها، كما وعدوا بإعطاء معاشات لهم وإغداق ألقاب الشرف عليهم.
وأما «إلجين» فقد طلب من «ستراتون» في تعليماته العادية أن يقوم بفحص الحوادث التي وقعت فحصا دقيقا، وأن يناقش فيها الضباط الإنجليز لمعرفة حقيقتها ومغزاها، ثم قال: «ويبدو لي مما أراه أمامي كله، أنه من الواضح، بعد إمعان النظر، أن غرض «الحكومة الإنجليزية» كان دائما إعادة مصر إلى تركيا؛ ولذلك فإنه لا يتفق بتاتا مع اللياقة أن نجيز التفكير في مناسبة تسليمها تسليما فعليا إلى البكوات بدلا من الأتراك»، فإن الباب العالي سوف يظل يعمل ويناضل لطرد البكوات من مصر؛ ولذلك فالمطلوب من ستراتون أن يبذل قصارى جهده للوصول إلى اتفاق أو تسوية تحقق في وقت واحد غرض الباب العالي، وغرض الحكومة الإنجليزية، وعليه أن يعمل لإقناع البكوات بالأخطار التي يتعرضون لها إذا بقوا في مصر، ولما كان من الواجب اتخاذ الحيطة لمجابهة الموقف في حالة الإخفاق فقد زود «إلجين» رسوله بتعليمات سرية، كانت أكثر تفصيلا وأوضح معنى في إظهار الغرض من مهمة «ستراتون»، فقال إنه من الواضح أن ملك إنجلترا قد وعد دائما وجديا بإرجاع مصر إلى صاحب السيادة الشرعية عليها، وأنه رفض دائما كذلك التدخل في شئون مصر الداخلية، ينهض دليلا على ذلك توقيع مقدمات الصلح في لندن في أول أكتوبر 1801 التي هي تأكيد لوعود جلالته، يقابل ذلك طبيعة تلك الارتباطات التي دخل فيها «السير جون هتشنسون» مع البكوات المماليك، لاعتبارات عسكرية هامة، وهي ارتباطات وعهود قطعها «هتشنسون» على نفسه في قدسية عظيمة، ويستمد منها البكوات حقا مضاعفا بسبب قدسيتها أولا، ولأنهم قاموا من ناحيتهم بتنفيذ ارتباطاتهم ثانيا، ومع ذلك فإذا كانت هذه الارتباطات - كما بلغ «إلجين» - قد ذهبت في مداها إلى الوعد بإعادة أملاك ونفوذ البكوات إليهم بالصورة التي تجعل ذلك اغتصابا للسلطة، الأمر الذي وجد أنه يهدم دائما سيادة الباب العالي، فإن للباب العالي الحق يقينا أن يعارض من جهته هذه الارتباطات أو أية ارتباطات تسلبه سلطانه كمناقضة وهادمة لتأكيدات الحكومة الإنجليزية له، ومن حقه كذلك أن يعتبر نفسه مهددا حتى يتم القضاء على البكوات وإبادتهم، وعلى ذلك، وفي ضوء الظروف القائمة؛ لا مفر من أن يصبح واجب بريطانيا وسياستها أن تسوي هذه الخلافات بين الباب العالي والمماليك، قبل إخلاء الجيش البريطاني للبلاد، أولا: محافظة على سمعة بريطانيا، وثانيا: لعدم ترك البلاد في حال من الفوضى قد يجد الفرنسيون بسببها فرصة التدخل في شئون مصر، وأخيرا الاستئثار بالنفوذ - دون الإنجليز - في الليفانت؛ ولذلك فقد وجب على ستراتون أن يسعى جهده لإقناع البكوات بالخطر الذي يتعرضون له إذا أصروا على بقائهم وإقامتهم في مصر ، فالقوات الإنجليزية سوف تنسحب حتما منها، وعندئذ يفقدون حمايتها لهم، وفضلا عن ذلك فإن الأتراك سوف يستخدمون كل ما بيدهم من وسائل لإرهاقهم والعدوان عليهم، ولا فائدة من قول البكوات: إن الأتراك لا قوة لهم، «ويترتب على ذلك طبعا أن الواجب يقتضي البكوات إذا أخذوا بمحجة الصواب والحكمة أن يبادروا بالاستفادة من الحماية التي لا زال «الإنجليز» قادرين على أن يشملوهم بها؛ حتى يضمنوا لأنفسهم الوصول إلى تسوية مع الباب العالي، هي بعد تقليب جميع وجوه الرأي أفضل وسيلة لإنهاء النزاع، وأما إذا وجد ذلك متعذرا فإن «إلجين» يرى أن نقل البكوات من مصر أمر ضروري ضرورة قصوى؛ ولذلك فهو يطلب إلى ستراتون أن يتعهد باسمه للبكوات بأنهم سوف يقابلون بكل ترحاب: إما في إنجلترا وإما في ممتلكاتها في الهند؛ حيث ينالون معاشا سنويا مساويا لذلك الذي عرضه عليهم الباب العالي، مقابل ما يؤدونه من خدمات عسكرية، علاوة على تمتعهم بحماية بريطانيا وبجميع المزايا والمنافع التي ينالها كل رعاياها.»
وقد أوضح «إلجين» الغرض الجوهري من مهمة «ستراتون»، والذي يفسر سبب تعليماته السرية إليه في كتاب بعث به في اليوم نفسه (12 ديسمبر) إلى اللورد هوكسبري قال فيه: «إنه كان من بين الأفكار التي عنت له بشأن البكوات أنه إذا تعذر حل مسألتهم فإنه يصير عندئذ دعوتهم للانسحاب والخروج من البلاد إلى إنجلترا أو إلى الهند على الأخص؛ حيث يمكن الاستفادة هناك من مواهبهم العسكرية، وتعوض خدماتهم التي يؤدونها النفقات التي تتكلفها الحكومة الإنجليزية بسببهم، كما رأى في الوقت نفسه أن اللجوء إلى هذه الوسيلة يؤكد رغبة الحكومة الإنجليزية في تنفيذ عزمها على إرجاع مصر إلى الباب العالي.»
وهكذا تحددت مهمة «ستراتون»: إما تسوية النزاع بين الباب العالي والمماليك بالطريقة التي يرضى عنها الطرفان - وهو أمر متعذر؛ لتعارض وجهات نظر الفريقين، وإما إخراج البكوات من مصر - وهو كذلك أمر متعذر لتعارضه مع رغبات المماليك الذين استندوا في دعاواهم على ارتباطات «هتشنسون» معهم، وكانوا يرجون من وساطة الإنجليز تمكينهم من السيطرة الفعلية على الحكومة، وليس إقصاءهم من البلاد كلية، واتخذوا من «وثيقة العهد الأعظم » - خطاب «هتشنسون» إلى عثمان الطنبورجي - مبررا لادعاءاتهم عليهم، ومطالبهم منهم.
ووصل «ستراتون» إلى الإسكندرية في 10 يناير سنة 1802 بعد رحلة دامت ثلاثة أسابيع، ورفض «كافان» طلب الوزراء العثمانيين تسليم البكوات المماليك بدعوى أن ارتباطات سلفه «هتشنسون» تمنعه من ذلك، وعندما أظهر له «ستراتون» تعليمات «إلجين» السرية وسأله رأيه في الطريقة العملية لإقناع البكوات بإخلاء مصر بالشروط المبينة، ثم طلب إليه مساعدته للتأثير عليهم بقبولها لضمان سلامتهم، وحتى يتسنى للحكومة الإنجليزية تنفيذ وعودها للباب العالي بشأن إرجاع مصر إلى السلطان العثماني بعد طرد الفرنسيين منها، أظهر «كافان» أنه لا يريد استخدام أي عنف مع البكوات بطردهم من مصر، أو حتى لإرغامهم على البقاء في الجيزة أكثر مما يريدون، ولكنه أخذ على عاتقه بذل النصح لهم راجيا أن يصغوا لنصحه إذا عرضت عليهم مقترحات معتدلة، وفي 15 يناير قرر «كافان» الذهاب إلى القاهرة لإنهاء هذه المسألة واصطحب معه «ستراتون» فبلغاها في 20 يناير، وتعددت الاجتماعات من يوم وصولهما حتى يوم 24 يناير مع الصدر الأعظم والقبطان باشا والريس أفندي، وحضر بعض هذه الاجتماعات كذلك خسرو باشا والكخيا بك والدفتردار، وقابل «شابير»
Chabert
Bilinmeyen sayfa