Mısır, 19. Yüzyılın Başlarında: 1801-1811 (Birinci Cilt)
مصر في مطلع القرن التاسع عشر ١٨٠١–١٨١١م (الجزء الأول)
Türler
ولما كان «هتشنسون» يعتزم مغادرة القاهرة إلى الإسكندرية، فقد بعث بكتاب إلى الريس أفندي في 23 يوليو يخبره بما حدث ويوضح مزايا ترضية المماليك «الذين في وسعهم أن يصبحوا إما حلفاء نافعين كل النفع، وإما أعداء خطرين كل الخطر»، وقال إن هؤلاء قد تركوه في هذه اللحظة وهم شاكرون، «ويريدون إظهار مبلغ خضوعهم كرعايا مخلصين دائما للحكومة العثمانية.»
وقد علق «هتشنسون» نفسه على خطابه «للريس أفندي» عندما كتب إلى اللورد «إلجين» من القاهرة في 25 يوليو يعرض الأسباب التي دعت إلى الارتباط مع المماليك، والخطوات التي قام بها من أجل الوصول إلى اتفاق بين هؤلاء وبين الصدر الأعظم والقبطان باشا على أساس المشروع الذي ارتبط به «هتشنسون» فيما يتعلق بإرجاع سلطة المماليك الفعلية في الحكومة المنتظر إنشاؤها إلى ما كانت عليه عند الغزو الفرنسي، فقال «هتشنسون » في تعليقه: إن رسالته إلى «الريس أفندي» لا تعدو كونها مظاهرة فحسب؛ لأنه لا يريد أن يلزم نفسه بارتباطات أبعد مما فعل، وحاول جهد طاقته أن ينقذ أكثر ما يمكن إنقاذه من شرف الحكومة العثمانية؛ لأنه حرص قبل كل شيء على مداراة كبريائهم وغرورهم دون التسليم بشيء جوهري؛ ولذلك فقد صاغ كتابه في عبارات عامة بقدر المستطاع.
ومعنى ذلك - كما هو واضح - أن «التسوية» التي وصل إليها «هتشنسون» والتي اعتقد أنها نهائية، كانت في صالح «المماليك»، وأن «هتشنسون» أرغم الصدر الأعظم والقبطان باشا على قبولها دون أن يسلم بشيء قد ينال من شروطها الجوهرية، وأنه عندما ذكر خضوع المماليك واعترافهم بسيادة الباب العالي كان يعتقد أن هذا الوعد من جانب المماليك لا بد أن يكفي في نظر الصدر الأعظم والقبطان باشا لرضوخهم لإلحاحات «هتشنسون» بإرضاء كبريائهما، وقد أظهرت الحوادث بعد ذلك أن «هتشنسون» كان مخطئا في كل ما ذهب إليه، ولعل مبعث هذا الخطأ اعتراف «هتشنسون» نفسه بأنه يتعذر عليه أن يرى طريقه واضحا في هذه المسألة الخطيرة.
فقد قال في كتابه هذا إلى «إلجين» في 25 يوليو سنة 1801 إن السبب في إزعاجه بكل تفصيلات مساعيه التي قام بها من أجل الوصول إلى تسوية مسألة المماليك، هو خطورة هذه المسألة ذاتها؛ لأن التعليمات التي لديه «شبه رسمية على أقل تقدير»، ونحن كما رأينا لم تصدر إليه تعليمات من حكومته سوى تلك التي بعث بها إليه اللورد هوبارت في 19 مايو وقد وصلته في 21 منه، وهي مبنية على عدم التدخل في شئون مصر إلا فيما يتعلق بوضع قسم من الجيش بالإسكندرية وأبي قير «للاحتراس من مشروعات الحكومة الفرنسية العدوانية على مصر» - ولكنه كما استمر يقول: «وجد لزاما عليه، ومن واجبه تحت مسئوليته الخاصة حتى ولو لم تكن لديه تعليمات بالمرة - وهو ما وقع - تحت ضغط الظروف، أن يعد المماليك بالعفو والحماية، وبالاختصار أن يمنعهم من إلقاء أنفسهم في أحضان الفرنسيين»، ثم راح يكرر نفس الحجج والدعاوى التي تذرع بها سابقا من حيث «أن المماليك في وسعهم أن يصبحوا حلفاء نافعين أو أعداء خطرين، وأنه مهما تكن وجهات نظرهم فهم جنود تتغلغل فيهم روح الجندية الصحيحة، وأصحاب نفوذ عظيم في البلاد ولهم أتباع عديدون، والسبب في ذلك أنهم مسلحون.
وسبب آخر، هو أن البلاد تكره الأتراك، فالقبط والمسيحيون واليهود واليونانيون والمصريون يكرهونهم ويكرهون حكومتهم، وأن الأتراك عاجزون عن الاحتفاظ بهذه البلاد، ولن يستطيعوا ذلك بتاتا بقواتهم هم وحدهم؛ ولذلك فالواجب يقتضيهم أن يربطوا أنفسهم بحلفاء نافعين هم المماليك الذين يفهمون - بحكم العادة - أساليب حكم المصريين والعرب أعظم بكثير جدا مما يدعيه الأتراك، ولا جدال في أنه من الصواب في الوقت الحاضر أن يطرد الفرنسيون من مصر، ولكن يتوقف منع عودتهم في المستقبل على الأقل على «المماليك»، كما يتوقف على «البريطانيين»، ولا يقيم «هتشنسون» للأتراك وزنا في هذه المسألة كلية، ومن المحزن حقا أن يشهد الإنسان تلك الشراذم من الدهماء التي يسمونها جيشا، وحتى يستطيع المرء أن يرى الغباء والخمول المسيطر على رؤسائهم يجب عليه أن يقيم بنفسه بينهم، فهم - بعبارة عامة - أشرار عجزة ولا كفاءة لهم، ولا يستطيع الإنسان أن يتعامل معهم كما يتعامل مع أناس عاديين، فلا عقل ولا تدبير ولا عواطف إنسانية لهم.»
وقد غادر «هتشنسون» القاهرة في 26 يوليو قاصدا إلى رشيد، ومنها إلى الإسكندرية، وبعث من الإسكندرية في 21 سبتمبر بكتاب إلى اللورد «هوبارت» لا يخرج في معناه عما جاء في كتابه إلى اللورد «إلجين»، يذكر ما حدث، ويحاول أن يبرر مسلكه في ارتباطاته مع المماليك، ولكنه ما كاد يمضي شهر واحد على كتابة رسالته الأخيرة هذه، حتى وقعت مكيدة الصدر الأعظم والقبطان باشا في أكتوبر، وهي المكيدة المعروفة التي ذهب ضحيتها عدد من المماليك وسجن آخرون، لإرسالهم إلى القسطنطينية، وأثبتت فشل التسوية التي وضعها «هتشنسون»، وكان لها أثر كبير من ناحية أخرى على احتضان الحكومة الإنجليزية لجوهر مشروع «هتشنسون»، على أساس ترضية المماليك، والوصول إلى اتفاق اعتقدت الحكومة الإنجليزية أنه أكثر استدامة وبقاء من الاتفاق الذي توصل إليه «هتشنسون».
وساطة الإنجليز لصالح المماليك
فقد كان من أثر التقارير والرسائل التي بعث بها «هتشنسون وإلجين» إلى حكومتهما، استرعاء لنظر الحكومة الإنجليزية، وإقناعها بضرورة أخذها بعين الاعتبار لمسألة البكوات عند بحث موضوع الحكومة المنتظرة في مصر والتي يجب ضمان استقرارها حتى تستطيع دفع الغزو الفرنسي إذا تجدد، أن اهتمت لندن ببحث هذا الموضوع، وزاد اهتمامها - على وجه الخصوص - عندما علمت بأن هناك ارتباطات من جانب قائد قواتها في مصر مع البكوات المماليك لم تكن تعرف مداها، حتى إن اللورد «هوبارت» عندما وصلته في 22 يوليو رسالة «هتشنسون» التي بعث بها إليه من علقام في 2 يونيو يتحدث فيها عن كتاب «هسكيسون» المعروف إلى السير «رالف أبركرومبي»، ويذكر رأيه في الأتراك والمماليك، والوعود التي بذلها للأخيرين، لم يلبث أن أجاب في 22 يوليو بأنه من الصعب على الوزير بسبب بعد مسرح العمليات العسكرية وطبيعة الخدمة أو العمل الذي يقوم به «هتشنسون»، أن يصدر إليه تعليمات ما، ولكنه يكتفي بإبداء بعض الملاحظات، فيقول فيما يتعلق بمسلك «عثمان بك الطنبورجي» وشجاعة فرسان المماليك الذين يسدون خدمات هامة، إنه لما كان لا يعرف مدى ما فعله «هتشنسون» بخصوص الارتباطات والتعهدات التي دخل فيها وقطعها على نفسه «إنه يجب المحافظة بدقة على سمعة بريطانيا وشرف كلمتها، ليس في هذه المسألة فحسب، بل وفي كل المسائل وجميع الحالات التي يكون من الحكمة والمفيد صدورها من جانبها؛ ولذلك يجب الاحتياط عند إعطاء مثل هذه الكلمة فلا يكون ذلك إلا عند الضرورة القصوى.»
وعلى ذلك فإنه بينما كان «هتشنسون» يحاول وضع اتفاق ينظم شئون مصر الداخلية كانت هذه المسألة محل عناية الحكومة الإنجليزية، لا سيما وأن «إلجين» قد بادر بإبلاغ حكومته منذ يونيو برغبة الباب العالي في معرفة رأي الحكومة الإنجليزية بصدد «الحكومة المنتظر إنشاؤها في مصر عند طرد الفرنسيين منها»، فقدم «مورييه
J. J. Morier » بعد عودته من مصر مذكرة لحكومته في 7 يوليو سنة 1801 «فيما يتعلق بآرائه خاصة»، وكان «مورييه» سكرتيرا للورد إلجين، أوفد في العام السابق في مهمة لدى جيش الصدر الأعظم الزاحف على مصر ، ودخل «مورييه» القاهرة مع الأتراك بعد اتفاق العريش، ثم استطاع الذهاب إلى دمياط بعد هزيمة الصدر الأعظم في معركة هليوبوليس، وحاول السفر منها بحرا للحاق بالسير سدني سميث، ولكن العواصف أرغمته على الالتجاء إلى بحيرة البرلس، ثم أخذه الفرنسيون منها إلى رشيد، ثم سمحوا له بالذهاب إلى السير سدني على ظهر بارجته «تيجر».
Bilinmeyen sayfa