Mısır, 19. Yüzyılın Başlarında: 1801-1811 (Birinci Cilt)
مصر في مطلع القرن التاسع عشر ١٨٠١–١٨١١م (الجزء الأول)
Türler
ونصح «هسكيسون» قائد القوات البريطانية بأن يجذب إليه مراد بك ويضمن تعاونه معه تعاونا إيجابيا على أن يكون ذلك - إذا أمكن - بموافقة الصدر الأعظم، وأما إذا ظل الصدر الأعظم عنيدا وظل في عماه لا يريد أن يدرك مزايا استمالة مراد بك وصداقته، وهي قضية تهتم بها إنجلترا اهتماما عظيما، بل ويجب كذلك عدم تضحية مصالح تركيا نفسها بسبب غرور وصلف وغطرسة رجالها؛ فالواجب على «إنجلترا» أن ترعى مصالح الأتراك في هذه الحالة بالرغم منهم.
وعلى ذلك فإنه ما إن تسلم «هتشنسون» القيادة منذ مارس سنة 1801، حتى وضع نصب عينيه في الحقيقة تنفيذ هذا «البرنامج» الذي رسمه «هسكيسون» وإن كان هذا البرنامج لا يعدو مجرد آراء خاصة بسطها الوزير الإنجليزي في رسالة خاصة للسير «رالف أبر كرومبي»، وقد فسر «هتشنسون» ما تضمنته هذه الرسالة بأنه كان تعليمات إلى «السير رالف» تطلب فيها حكومته أن يبذل كل ما وسعه من جهد وحيلة «لترضية» البكوات واستمالتهم إلى الحكومة البريطانية، وأن «هسكيسون» على ما ظهر «لهتشنسون» كان يتوقع أن يثير الأتراك صعوبات عدة لإبطال هذا المسعى، ولكنه قال بوجود ضرورة قاطعة لرفض الرضوخ لهم، بل ويذكر أن الواجب يقتضي التغلب على هذه الصعوبات خدمة للأتراك أنفسهم.
وواتت الفرص الجنرال «هتشنسون» لبدء هذا المسعى، عندما بعث إليه عثمان الطنبورجي برسالة ينبئه فيها بوفاة مراد بك، ويعرض عليه انضمام المماليك إلى الجيش البريطاني إذا وعدتهم الحكومة الإنجليزية بالعفو عنهم، وتعهدت بحمايتهم؛ لأنهم؛ أي المماليك لا يثقون في الأتراك ووعودهم، وقد وصلت هذه الرسالة «هتشنسون» في 5 مايو سنة 1801، في وقت قال القائد الإنجليزي: «إنه كان من أشد لحظات حملته حروجة»؛ حيث كان يتأهب للزحف ومهاجمة الفرنسيين في الرحمانية، وقد تفوق عليه هؤلاء بمدفعيتهم وفرسانهم، بينما تساوت قواتهم العددية مع قواته؛ ولذلك رأى «هتشنسون» أن يحرمهم من حلفاء أقوياء؛ أي المماليك يمدون الفرنسيين بفرسانهم، ويفيدونهم بمعلوماتهم المحلية فائدة كبرى، فاستند على كتاب «هسكيسون» السالف الذكر، والذي وجد على حد قوله هو نفسه إنه ملزم باعتباره تعليمات من حكومته، وبدأ صلته بعثمان بك الطنبورجي فورا، فكتب إليه في اليوم نفسه من مقر قيادته برشيد في 5 مايو سنة 1801 أنه «مخول من الحكومة البريطانية بمنحه العفو والحماية، وإعطائه الضمان لأملاكه وأملاك أتباعه.»
ورسالة «هتشنسون» لعثمان الطنبورجي هذه ذات أهمية كبيرة؛ نظرا لما اشتملت عليه من توكيدات وارتباطات، صار من المتعذر على الحكومة الإنجليزية الإغضاء عنها أو التحلل منها، سواء في علاقاتها مع البكوات المماليك أو مع الباب العالي، بل وجدت في هذه الارتباطات التي ظل كثيرون من رجالها لا يعرفون مداها على وجه الدقة فترة من الوقت، مبررا لنبذ سياسة عدم الاهتمام واستبدال سياسة التدخل بها، والتوسط من أجل الوصول إلى اتفاق بين الباب العالي والمماليك.
ففي هذه الرسالة كتب «هتشنسون»، أنه تسلم خطاب عثمان الطنبورجي، وأسف لوفاة مراد، وسر لاختيار المماليك للطنبورجي خلفا له، ثم قال: «وقد وصلتني تعليمات قاطعة وحاسمة من حكومة جلالة ملك بريطانيا العظمى أن أظفر بودك وصداقتك، وأظفر بمحالفتك، وأبذل قصارى جهدي في العمل لصالحك، ويجب عليك أن تعرف أنه عندما يتكلم قائد إنجليزي باسم مليكه فإن كلمته تصبح مقدسة، فكن واثقا من أني سأنتهز كل فرصة كي أصبح نافعا لك وللجنود الشجعان تحت قيادتك.
وتقول إنك تخشى الأتراك، ولكن هؤلاء حلفاؤنا، وقد كتب القبطان باشا لمراد بك كتابا في لهجة ودية جدا، وتفصل بيني وبين القبطان باشا مسافة كبيرة وأنا بعيد عنه حتى أعرف ما يفعله، ولكنني أعتقد أنه يميل للانتصاف لكم، وأما من جهتنا فإني أعطيك حمايتي وحماية الجيش الإنجليزي وأعدك بذلك وعدا أعظم ما يكون قدسية، ولك أن تعرف أن الأمة الإنجليزية أمة تقوى وورع، تخشى الله وتعدل مع الإنسان، ولم نعبر البحر حتى نأتي عملا سيئا مع أولئك الذين كانوا أصدقاءنا، ولكننا جئنا لغرض واحد فحسب هو طرد الفرنسيين المغتصبين الذين خربوا البلاد، وإعادة ما كان للجميع من أملاك وحقوق، فكن واثقا من أني ساهر على مصالحك، وأنكم لا أنتم ولا أسركم يجب أن تخافوا من أن يلحق بكم أي ضرر أو أذى، فإذا تفضلت بالحضور إلى معسكري أو بإرسال أحد بكواتك، فسوف يتسنى لنا عندئذ وضع الترتيبات التي تريدها، وإني أعدك بذلك قاطعا على نفسي أقدس المواثيق والعهود، ويسرني جدا أن أشرك جيشي مع جيشك في محاربة العدو معا، ولكني أعتقد أن الحرب سوف تنتهي قريبا وأن الفرنسيين سوف يعجزون عن مقاومة الأعداء المتحدين ضدهم.»
وفي ختام رسالته أكد «هتشنسون» على «الطنبورجي» بضرورة إرسال أحد البكوات سريعا وأوصاه بالكتمان والسرية في كل أعماله، كما طلب أن يكون لدى هذا المندوب السلطات التي تخوله إبرام الاتفاق مع «هتشنسون» وعمل الترتيبات اللازمة.
ومن الآن فصاعدا اعتبر المماليك هذا الخطاب بمثابة الوثيقة الكبرى أو العهد الأعظم، وتمسكوا به في كل علاقاتهم المقبلة مع الإنجليز؛ لأنه العهد الذي أوجب على الإنجليز - في نظرهم - أن يعيدوا إليهم أملاكهم السابقة، وامتيازاتهم أو حقوقهم التي كانت لهم قبل الغزو الفرنسي؛ أي معاونتهم على استرجاع سلطتهم الفعلية في حكومة البلاد، ومع أن بعض السياسيين الإنجليز - كما فعل ستراتون
Straton
من رجال السفارة الإنجليزية في القسطنطينية وأوفد في مهمة بعد قليل إلى مصر على نحو ما سيأتي ذكره - حاولوا التحلل من شطر من هذا العهد على الأقل بدعوى أن العهود التي قطعها هتشنسون على نفسه كانت لضمان الطنبورجي وجماعته فقط، بدليل أن الكتاب كان موجها إليه وحده، وبدليل أن هذا العهد لم يذكر شيئا عن إبراهيم بك وجماعته، فصمت من ناحية هؤلاء، وليس لإبراهيم - لذلك؛ أي حق في مطالبة الإنجليز بتحقيق الوعد الذي أعطى للطنبورجي، ولا يكون هتشنسون ملزما باتباعه بالنسبة للطنبورجي وجماعته، فقد اتضح كما اعترف «ستراتون» نفسه في رسالته إلى إلجين في 29 يناير 1802 أن هتشنسون على نحو ما يذاع في القاهرة قد أعطى وعودا شفوية لإبراهيم بك وجماعته مشابهة لوعوده المكتوبة للطنبورجي بواسطة الترجمان فيشنزو تابرنا
Bilinmeyen sayfa