Mısır, 19. Yüzyılın Başlarında: 1801-1811 (Birinci Cilt)
مصر في مطلع القرن التاسع عشر ١٨٠١–١٨١١م (الجزء الأول)
Türler
ولقد بوغت المعاصرون مباغتة مذهلة بهذا الحادث المروع الذي استأصل شأفة طغمة المماليك من مصر إلى الأبد، فانبروا يستقصون أسباب المذبحة ويفسرون العوامل التي دفعت الباشا إلى إفنائهم بهذه الصورة.
فكتب «دروفتي» إلى حكومته في 4 مارس 1811، «لقد سبق أن ذكرت في تقريري بتاريخ 16 يناير 1811 أن محمد علي يريد الذهاب إلى السويس، وقد ذهب فعلا إليها منذ بضعة أيام ولم يعد منها إلا يوم 24 فبراير، وفي أثناء غيابه يقول رجال حكومته إنه صادر خطابات جعلته يشك في مسلك البكوات والمماليك المقيمين بالقاهرة، والاعتقاد السائد أن هؤلاء يتراسلون مع البكوات والمماليك الموجودين بالصعيد، ثم بواسطة هؤلاء مع سليمان باشا والي الشام الذي لا يوجد أي تفاهم بينه وبين الباشا ولا يقوم بينهما أية علاقات أو صلات طيبة، وهذه الكارثة التي أدهشت كل الناس وألقت الرعب في قلوب أعداء الباشا، قد سلبت الإنجليز القليل الباقي لهم من أنصارهم في مصر والذين كان في وسعهم أن يعتمدوا عليهم عند وقوع أي حادث في المستقبل.»
وفي 15 مارس 1811، كتب «سانت مارسيل» من الإسكندرية: «والمعتقد أن الباشا لم يعمد إلى إبادة المماليك إلا بعد أن صودرت خطابات منهم إلى البكوات في الصعيد وإلى سليمان باشا حاكم دمشق حاليا وعدو محمد علي باشا بعد أن لاذ به ولجأ إليه يوسف باشا كنج حاكم دمشق السابق.»
وفي أول مايو 1811، كتب «ستراتفورد كاننج»
Stratford Canning
السفير الإنجليزي في القسطنطينية إلى حكومته: أن الريس أفندي اعترف له بأن هذه المذبحة قد وقعت بناء على أمر من السلطان لمحمد علي.
وفي 8 مايو 1811، كتب «دروفتي» إلى حكومته: «وسوف تدهشون كثيرا - ولا ريب - إذا عرفتم أن الباشا قرر مذبحة البكوات والمماليك الذين كانوا قد حضروا ليضعوا أنفسهم تحت رحمته بإيعاز من الوكلاء الإنجليز، وقد بلغت وقاحة هؤلاء حدا جعلهم يجرءون على المباهاة بفعلتهم هذه قائلين إن محمد علي قد أحرز بفضل هذا النجاح على أعدائه الداخليين نصرا سبق فيه الجيش الفرنسي الحاضر لغزو مصر»، ثم استطرد «دروفتي» يقول: «وفي مقابلة لي مع الباشا للمباحثة في بعض الشئون قبل رحيله إلى الإسكندرية (في أبريل) بدرت من الباشا عبارة تمس هذا الموضوع، عجزت وقتذاك عن إدراك معناها، ولكنه يبدو لي اليوم أنه يجب تفسيرها بنفس هذا المعنى، ومهما يكن من شأن هذه الأمور المنطوية على التهكم والسخرية - ويشير «دروفتي» هنا إلى كلام الوكلاء الإنجليز ومباهاتهم - فقد ثبت على ما يظهر لي أن الإنجليز عندما لم يعودوا يرون في المماليك تلك الأداة الطيعة التي في وسعها تأييد مكائدهم وترويج دسائسهم بالدرجة المنشودة، ولما كان الإنجليز يحقدون عليهم دائما سكونهم وخمود حركتهم وقت نزول جيوشهم بالإسكندرية في عام 1807، فقد اعتقدوا أنهم إذا ضحوا بحلفائهم القدماء استطاعوا أن يدفعوا عن أنفسهم الاتهامات التي كان الباشا على حق في توجيهها لهم عن تواطئهم السابق أو عن علاقاتهم الماضية مع المماليك، كما اعتقدوا أن بوسعهم كذلك توثيق عرى الصداقة التي أنشئوها أخيرا مع الباشا.»
وفي 14 يوليو 1811، راح «مسيت» يؤكد لحكومته أن سبب المذبحة كان اكتشاف مراسلات بين البكوات وبين باشا عكا (سليمان باشا).
وبعد حوالي العام، كتب الوكلاء الفرنسيون في نشرتهم الإخبارية إلى حكومتهم بتاريخ مايو 1812: «أن الذي عرف الآن عن هذه المذبحة أن طبيب الباشا الخاص (مندريشي) - وهو دعامة من الدعائم التي يستند عليها الإنجليز في تأييد نفوذهم في البلاد - هو الذي أشار على محمد علي بقتل المماليك بدعوى أنهم متصلون بالفرنسيين، بينما الدافع لهذا الطبيب على ذلك في الحقيقة لم يكن سوى الانتقام من البكوات لعدم نجدتهم للحملة الإنجليزية في عام 1807.»
وقال «مانجان» وهو معاصر آخر لهذه الحوادث: «ومع أنه أبعد ما يكون شخصيا عن تبرير الفتك بالمماليك، فإنه يعتبر الفتك بهم من بعض النواحي في صالح مصر ذاتها؛ لأن بقاء المماليك يثير حربا أهلية تؤذي البلاد إيذاء بالغا يتضاءل بجانبه حادث الفتك بهم، وفضلا عن ذلك فإن الضربة الجريئة التي أنزلها بهم محمد علي تنفيذا لأوامر الباب العالي السرية قد قضت على وضع أو نظام كانت تركيا تعمل على التخلص منه تدريجيا، ومن جهة أخرى فإن الدفاع عن سلامته كان يقتضي الباشا أخذ الأمور بوسائل حازمة؛ لأنه كان محاطا بجند فطروا على الشغب والفوضى، وكان مضطرا في الوقت نفسه إلى إنفاذ قسم كبير من قواته إلى بلاد العرب، فوجب عليه حينئذ أن يفكر في إضعاف خصومه الذين سوف يزيدون في هذه الحالة قوة ونفوذا»، ثم استطرد «مانجان» فذكر ما بلغ محمد علي من تآمر المماليك على اختطافه في أثناء عودته من السويس واغتياله، وقال: إنه عندما صار السياح الإفرنج يلومون الباشا في كتب رحلاتهم ومؤلفاتهم على قتله للمماليك ويعدون ذلك عملا منافيا للإنسانية، كان جواب الباشا أنه ينبغي أن ترسم صورة لفتك بونابرت القنصل الأول بالدوق «دانجيان»
Bilinmeyen sayfa