Mısır, 19. Yüzyılın Başlarında: 1801-1811 (Birinci Cilt)
مصر في مطلع القرن التاسع عشر ١٨٠١–١٨١١م (الجزء الأول)
Türler
وأمضى سباستياني يومه التالي (18 أكتوبر) في زيارة سد أبي قير الذي قطعه الجنرال هتشنسون عند امتناع الجنرال «منو» بالإسكندرية، وأتلف قطع السد ترعة الإسكندرية التي كانت تجري فوقه وتدفقت مياه البحر من ترعة المعدية (أو ترعة أبي قير) إلى بحيرة مريوط التي كان يحجزها هذا السد، وكانت البحيرة الأخيرة تكاد تكون جافة قبل القطع فغمرتها المياه الآن، وذهب عدد كبير من القرى ضحية هذه المياه، وأرسل الباب العالي المهندس السويدي «رودن»
Rhoden
لإصلاحه، وشك سباستياني في قدرته وكفاءته، وقال إن الإسكندرية بسبب قطع السد صارت تعتمد الآن على المياه المجلوبة من آبار مرابط، ويوجد بقلعة مرابط المحصنة الصغيرة حرس من الإنجليز والأتراك لحماية الأهالي الذين يحضرون لأخذ المياه من الآبار، ثم أمضى يوم 19 أكتوبر بالإسكندرية لمشاهدتها ولاستقبال زائريه.
وفي 20 أكتوبر غادرها في طريقه إلى القاهرة في حراسة ضابطين فرنسيين من الفرقاطة التي أحضرته، فقضى في أبي قير اليوم التالي ومساءه وانتهز فرصة إقامته بها لزيارة قلعتها التي وجدها في حالة تخريب كبير. وفي 22 أكتوبر وصل رشيد بعد أن زار قلعة جوليان، فقابل أغا المدينة ومدير جمركها «عثمان» ثم جميع المسيحيين بها، «وأكد له كل من قابلهم أن الأهالي يأسفون أسفا عظيما على ذهاب الفرنسيين، ويقدسون اسم القنصل الأول». وفي 23 أكتوبر كان سباستياني في «فوه»؛ حيث قابل حاكمها والقاضي والمشايخ، وقد أكد له من قابلهم من المشايخ ولاءهم وصداقتهم للقنصل الأول، وفي اليوم التالي وصل سباستياني إلى «الرحمانية» وقابل بها الشيخ «محمد أبو علي»، ولاحظ أن قلعة الرحمانية تكاد تكون مهدمة تماما. وفي 25 أكتوبر بلغ منوف فاجتمع بالشيخ عابدين الذي عينه القنصل الأول قاضيا بها، وقد أكد له الشيخ «أن مصر ترغب في الدخول مرة أخرى تحت سيطرة بونابرت»، وأكد له سباستياني بدوره ما كان يؤكده دائما للمصريين الذين قابلهم؛ وهو اهتمام القنصل الأول بسعادة أهل مصر ورفاهيتهم ومحبته لهم. وقال سباستياني إن الشيخ عابدين وسائر مشايخ منوف الذين جاءوا لزيارته في بيت هذا الشيخ حدثوه في نفس ما حدثه به مشايخ «فوه»، وكان جواب سباستياني: «إن القنصل الأول يشعر نحو بلادكم بحب عظيم، ويتحدث عنها كثيرا، ويهتم بكل ما فيه سعادتكم ولا ينساكم أبدا، وقد أوصى بكم خيرا لدى الباب العالي، وإن «بونابرت» يحكم أغنى وأقوى دولتين في أوروبا: فرنسا وإيطاليا، وقد عقد السلام مع أوروبا، وسوف ترى هذه البلاد مدى اهتمامه بها ومدى الأثر الذي تركته في نفسه ذكرياته الطيبة عن مشايخ مصر السيئي الحظ ...» وقد ذكر سباستياني فيما بعد أن «محمد كاشف» حاكم منوف كان نصيبه القتل وقطع رأسه - بعد مرور سباستياني - بتهمة وجود علاقات بينه وبين المماليك، وأما قلعتا منوف فقد وجدهما سباستياني مخربتين تماما.
وفي نفس اليوم (25 أكتوبر) وصل سباستياني إلى بولاق، وبعث في التو والساعة المواطن جوبير لإخطار باشا القاهرة خسرو محمد بوصوله، فأرسل إليه في صبيحة اليوم التالي (26 أكتوبر 1802) قوة من ثلاثمائة فارس ومائتي جندي من المشاة لاصطحابه في أثناء سيره إلى بيت خسرو باشا، وأطلقت المدافع ترحيبا به.
وكان أول ما فعله سباستياني عند دخوله القاهرة، ومقابلته لخسرو باشا؛ أن أبلغه عقد الصلح بين فرنسا والباب العالي، واستئناف صلات المودة والصداقة والعلاقات التجارية بينهما، وأن بونابرت القنصل الأول قد كلفه بأن يؤكد لخسرو باشا حسن نواياه، وأن ينبئه بخبر وصول المندوبين التجاريين الفرنسيين قريبا إلى مصر.
وشكر خسرو باشا للقنصل الأول نواياه الطيبة ورحب بقدوم مندوبيه التجاريين، وبعد هذه المقابلة انتقل سباستياني إلى المنزل الذي أعده له الباشا، وجاء لزيارته كبار المدينة ورؤساؤها والمباشرون أو المعلمون الأقباط، ثم اجتمع بالباشا مرة أخرى في 27 أكتوبر، وكان اجتماعا طويلا، وذكر له «أن القنصل الأول مهتم به وبالبلاد التي يحكمها أبلغ الاهتمام، ويريد أن يوفر له وللبلاد أسباب السعادة، وأنه لذلك قد كلف «سباستياني» بعرض وساطته على «خسرو باشا» من أجل الصلح بينه وبين البكوات المماليك»، فشكره خسرو على عنايته واهتمام القنصل الأول، ولكنه قال: «إن تعليمات حكومته القاطعة هي حرب الفناء ضد البكوات، وعدم الدخول بتاتا في أية اتفاقات معهم.»
وعندئذ لاحظ سباستياني أن سبب انهزام الأتراك في عملياتهم العسكرية الأخيرة مع البكوات لا أقل من خمس مرات، أن الحالة النفسية التي صار عليها الجنود العثمانيون جعلت مركزهم دقيقا للغاية، وأن العناد والإصرار على المضي في قتال المماليك من شأنه أن يمهد في النهاية لضياع مصر ذاتها، وقال سباستياني: إن الباشا يدرك تمام الإدراك أنه لا يستطيع مقاومة البكوات طويلا، وطلب إليه أن يرجو القنصل الأول حتى يبدأ هذه المفاوضة في القسطنطينية، وأن يصل إلى نتيجة سريعة من هذه المفاوضة (لأجل الصلح مع البكوات)، ثم أطلع سباستياني على ما لديه من أوامر الباب العالي، وكان من رأي سباستياني عندئذ أنه يستحيل على خسرو باشا بسببها قبول أي اتفاق مع البكوات، وفي هذه المقابلة أبلغه سباستياتي عزمه على الاجتماع بمشايخ القاهرة ، وأرملة مراد بك، وكذلك زيارة الجهات المجاورة للقاهرة وتحصينات المدينة، وأمر خسرو بأن يصحب سباستياني في كل مكان يقصد إليه الحرس الذي كان قد خصصه له قائلا: إنه يسره دائما أن يقضي الأخير المدة التي يمكثها بالقاهرة في راحة وسرور.
وفي 27 أكتوبر بدأ سباستياني زياراته بزيارة الشيخ عبد الله الشرقاوي، وحضر للاجتماع به في بيت الشيخ عدد كبير من المشايخ، ودار الحديث حول اهتمام القنصل الأول بمصر، وعظم قوته وما كسبه من أكاليل المجد والفخار، وتقديره واحترامه ورعايته لعلماء القاهرة، وانسجام العلاقات بين السلطان سليم الثالث وبونابرت، وقد أظهر المشايخ في كلامهم مقدار ما يكنونه لشخص القنصل الأول من محبة وود. وعلق سباستياني على هذا الحديث بقوله: «إنه دهش مما أبداه المشايخ من شجاعة في إعلان رغبتهم في أن يصبحوا مرة أخرى رعايا للقنصل الأول.» وفضلا عن ذلك فإنه يكفي للتأكد من صدق رغبتهم هذه وعواطفهم نحو القنصل الأول؛ ملاحظة ذلك الحماس العظيم الذي شاهده سباستياني بنفسه، والذي أظهره المشايخ عند إهدائهم صورة بونابرت. وقد أهدى سباستياني صورة بونابرت لكل كبار المشايخ ليس في القاهرة فحسب، بل وفي البلدان الأخرى التي مر بها، وقد ظهر مثل هذا الحماس في كل مكان مر به.
وفي 28 أكتوبر زار سباستياني السيد «الشيخ» عمر مكرم نقيب الأشراف، وكان مريضا فقابله ابنه، وأما الشيخ الآخر الذي أراد سباستياني زيارته فكان الشيخ البكري، وكان على علاقات سيئة مع الباشا، فرجاه عدم زيارته خوفا من زيادة هذه العلاقات سوءا، وقد قال لسباستياني مثل هذا القول كل من المشايخ: أحمد العريشي ومحمد المهدي ومحمد الأمير، وأما الشيخ سليمان الفيومي فقد رحب بزيارته ترحيبا كبيرا، وأبدى له «إعجابه الذي يفوق كل الحدود بالقنصل الأول».
Bilinmeyen sayfa