Mısır, 19. Yüzyılın Başlarında: 1801-1811 (Birinci Cilt)
مصر في مطلع القرن التاسع عشر ١٨٠١–١٨١١م (الجزء الأول)
Türler
وتفصيل ذلك أن عمر بك حاول إقناع عمر مكرم بأن المباحثة في عزل والي أو حاكم عينه السلطان مسألة لا تدخل في نطاق سلطة الشعب - أو الرعية أو العامة أو الجمهور - وحقوقه، ومن شأنه إلغاء القانون الأساسي والسياسي الذي قامت عليه الدولة التي مصر إحدى مقاطعاتها وولاياتها، كما أنه يتعارض مع مبادئ الشرع الحنيف؛ حيث قال الله في كتابه الحكيم:
أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم ، فكان جواب عمر مكرم أن أولي الأمر في هذه الآية الكريمة إنما المقصود بهم «العلماء، وحملة الشريعة، والسلطان العادل» الذي يسهر على تنفيذ أحكام الشريعة بتطبيق القوانين العادلة، وقد جرى العرف حسب التقاليد القديمة على أن يخضع لكلمة الشعب الأمراء من أصغر صغير إلى أكبر كبير فيهم بما في ذلك الخلفاء والسلاطين أنفسهم إذا اتضح أنهم لا يستحقون شرف الحكومة على رعاياهم وفي استطاعة الشعب عزلهم واستبدال غيرهم بهم، وخلص من ذلك إلى أنه لما كان خورشيد طاغية مستبدا وحاكما ظالما فقد وجب عزله ومن حق الشعب أن يعزله.
فلما حاول عمر بك إقامة الحجة على أنه لا يجوز شرعا محاصرة قلعة حاميتها من المسلمين، وأنه لا يجوز تجويعهم وقتالهم لأنهم ليسوا «كفرة»، أجاب عمر مكرم بأن حصارهم وتجويعهم وقتالهم جائز شرعا ما دام قد أعلن عن رجال الشرع أنهم عصاة «وقد أفتى العلماء والقاضي» بجواز قتال «جماعة خورشيد» ومحاربتهم لأنهم عصاة، فقال عمر بك: «إن القاضي هذا كافر، فقال «عمر مكرم»: إذا كان قاضيكم كافرا فكيف بكم وحاشاه الله من ذلك، إنه رجل شرعي لا يميل عن الحق»، وانفض المجلس.
وكان ذلك قولا جديدا.
وعبثا حاول الشيخ السادات كذلك إقناع مندوب خورشيد بعد أن «خاطبه في مثل ذلك فلم يتحول عن الخلاف والعناد»، واستمر «اجتماع الناس وسهرهم وطوافهم بالليل واتخاذهم الأسلحة والنبابيت حتى إن الفقير من العامة كان يبيع ملبوسه أو يستدين ويشتري به سلاحا»، فرجع عمر بك إلى القلعة في 28 مايو وعاد عابدي بك إلى أخيه حسن باشا، واستؤنف الحصار بشدة، وفقد خورشيد الأمل في تأييد الدلاة له عندما حضر كبارهم إلى القاهرة يقدمون ولاءهم لمحمد علي الذي رحب بهم «وخلع عليهم خلعا وكساوى» في 9 يونيو وبعث بهم لمحاربة الألفي، ولو أنهم تركوا القليوبية حتى يسطوا على البلاد والقرى المجاورة «يأخذون الكلف وينهبون ويقتلون ... ولم يذهبوا إلى ما وجهوا إليه».
وتجدد أمل خورشيد عندما حضر سلحداره علي باشا من المنيا بجنده بعد أن ترك بها حامية صغيرة، فاستولى على الجيزة وأدخل بعض المؤن إلى القلعة، فزاد نشاط خورشيد، وتبادل الفريقان - فريقا خورشيد ومحمد علي - إطلاق المدافع، ولقي محمد علي بعض الصعوبات في أثناء نضاله، وكان مبعثها اشتراط رجال مدفعيته في ميدان الرميلة لاستمرارهم في الضرب أن يدفع لهم مرتباتهم المتأخرة، «وتركوا المتاريس التي حوالي القلعة فتفرقوا وذهبوا»، وأنقذ الموقف «جماعة من الرعية الذين تترسوا في مواضعهم» (4 يونيو) - واستدان محمد علي مبلغا من المال من أحد التجار الفرنسيين دفع لهم منه مرتباتهم، أضف إلى هذا استمرار وقوع اعتداءات الجند على الأهالي، والتحام القاهريين معهم؛ دفاعا عن أنفسهم، وحصول مصادمات ومعارك بين جماعات الجند أنفسهم، حتى «اختلطت القضية واشتبه أمرها على أهل البلد فلا يعرف كلا الفريقين الصاحب من العدو، فتارة يتشابك العسكر مع أهل البلد وكذلك أهل البلد معهم، وتارة تتشابك فرقة منهم مع الكائنين بالقلعة، وتارة الفريقان يساعد بعضهم بعضا».
وحاول خورشيد تدبير مكيدة بالاشتراك مع سلحداره لإخماد المقاومة الأهلية وانتزاع المتاريس من أيدي القاهريين، وطلب بعض رجال السلحدار من عمر مكرم أن يفسح لهم طريقا إلى القلعة بدعوى الرغبة في التوسط لإنهاء الأزمة، ولكن عمر مكرم علم بالمكيدة في الوقت المناسب، وخرج «حجاج الخضري ومن معه من أهالي الرميلة» لمقابلة القوة التي رأسها السلحدار مع قافلة كبيرة من الجمال التي تحمل الذخيرة إلى القلعة، «فضربوهم وحاربوهم» وقتلوا وأسروا عددا منهم واستولوا على جمالهم.
واستمر الضرب بين الفريقين، ولكن تكرر اشتباك القاهريين مع الجند واهتمامهم بدفع أذى هؤلاء عنهم، جعل الحصار المضروب على القلعة ضعيفا، وأمكن إمدادها بالماء والمؤن والذخائر، وحاول محمد علي والسيد عمر مكرم وقف اعتداءات الجند حتى يمكن التفرغ لحصار القلعة ومهاجمتها، فأعلن محمد علي أن كل جندي يقبض عليه معتديا على أحد من الأهلين يضرب عنقه فورا، وزيد عدد المدافع المصوبة إلى القلعة.
نزول خورشيد
وكان في أثناء ذلك أن وصل إلى الإسكندرية في 24 يونيو مندوب من السلطان سليم قال «مسيت» إنه أوفده «لإنهاء الانقسامات الداخلية في مصر»، كما قال إن جماعة من أتباع هذا المندوب - القابجي باشي صالح أغا - قد اجتمعوا به للتشاور معه بشأن «الثورات» التي حدثت في الماضي من جهة، وبشأن الموقف الراهن من جهة أخرى، وبلغ الخبر القاهرة في 28 يونيو وأذيع أن «على يده جوابات بالراحة» ويحمل أوامر في صالح القاهريين الثائرين على خورشيد، «فحصلت ضجة في الناس وفرحوا ورمحوا بطول ذلك اليوم وعملوا شنكا تلك الليلة ... ورموا صواريخ في سائر النواحي وضربوا بنادق وقرابين بالأزبكية وخارج باب الفتوح وباب النصر والمدافع التي على أبراج الأبواب».
Bilinmeyen sayfa