النوع الثاني:
قوله: " وقبلوا الشريعة الموافقة لأخلاقهم بغير امتناع ".
فتحت هذا الكلام تمويه باطل، وهو خطأ ظاهر، ثم هو مناقض لما يأتي من كلامه: " أن الشريعة الإسلامية متعلقة بالكلية بالسيف والقتال ".
ولكنه لما سمع بدخول من دخل في الإسلام من التتار بغير إكراه ولا قتال، حاول أن يجعل ذلك ليس من باب الاختيار الذي دعاهم إليه ما عرفوه بعقولهم من صحة دين الإسلام وشرفه، حتى اختاروه على دينهم، وعلى اليهودية والنصرانية، فأحال ذلك على موافقة أخلاقهم.
ومن المعلوم أن من نشأ على دين وجد عليه آباءه وأسلافه والمعظمين عنده، فإنه لا يدعه ويؤثر غيره عليه إلا أن يحمله على ذلك رغبة أو رهبة، أو يدله العقل على فضيلة ما اختاره، فأما خلقه الموافق لهواه فإنه لا يدعوه إلى اختيار دين غير آبائه لا سيما والدين الذي اختاره يتضمن من التكاليف الشاقة على الأنفس ما هو مضاد لهوى النفس.
ولا ريب أن الذين دخلوا في الإسلام من أولئك التتار - وقد كانوا أهل شوكة ودولة - لم يكن لهم داع إلى ذلك من رغبة ولا رهبة، وإنما دخلوا في الإسلام لما رأوا من شرفه وفضله بعد مخالطة المسلمين.
وهذا يدل على معنى ما أشرنا إليه فيما تقدم، ويأتي إيضاحه فيما بعد - إن شاء الله - من أن من الحكمة في شرع الجهاد ليس
1 / 213