وأما الشرائع فمختلفة في الأوامر والنواهي، فقد يكون الشيء في هذه الشريعة حراما، ثم يحل في الشريعة الأخرى وبالعكس، وخفيفا فيزاد بالشدة في هذه دون هذه، وذلك لما لله -تعالى- في ذلك من الحكمة البالغة والحجة الدامغة.
قال سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة في قول الله -تعالى-: ﴿لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا﴾ يقول: " السنن مختلفة: في التوراة شريعة، وفي الإنجيل شريعة، وفي القرآن شريعة، يحل فيها ما يشاء، ويحرم ما يشاء، ليعلم من يطيعه ممن يعصيه.
والدين الذي لا يقبل غيره: التوحيد والإخلاص الذي جاءت به الرسل ".
والمقصود: أن شريعة محمد ﷺ موافقة لدين المسيح في التوحيد وأصول الديانات، وإن خالفته في بعض ما دون ذلك من الشرائع، لكنها مخالفة لما ابتدعه ضلال النصارى، واخترعوه من قبل أنفسهم، وبدلوا به دين المسيح، من الغلو في المخلوق حتى أنزلوه منزلة الخالق، وادعوا أنه الله، وأنه ابن الله - تعالى الله، وتقدس، وتنزه عن قولهم علوا كبيرا -، وكذا ما بدلوه من فروع
1 / 198