فلما سمع مني ذلك قال: معاذ الله، لا نقول: إنه ملك ظالم، بل نبي كريم، من اتبعه فهو من السعداء، وكذلك من اتبع موسى فهو كمن اتبع محمدا.
قلت له: بطل كل ما تموهون به بعد هذا، فإنكم إذا أقررتم بأنه نبي صادق فلا بد من تصديقه في جميع ما أخبر به، وقد علم أتباعه وأعداؤه بالضرورة أنه دعا الناس كلهم إلى الإيمان به، وأخبر أن من لم يؤمن به فهو مخلد في النار، وقاتل من لم يؤمن به من أهل الكتاب، واستباح دماءهم ونساءهم وأبناءهم.
فإن كان ذلك عدوانا منه وجورا لم يكن نبيا، وعاد الأمر إلى القدح في الرب -تعالى-، وإن كان ذلك بأمر الله ووحيه لم يسع مخالفته وترك اتباعه، ولزم تصديقه فيما أخبر وطاعته فيما أمر. انتهى.
وأما قول النصراني:
" إنها - يعني: شريعة محمد ﷺ مخالفة لدين المسيح مضادة له ".
فهذا الإطلاق والعموم باطل، فإن دين المسيح، بل وجميع أديان الرسل من أولهم إلى آخرهم خاتمهم محمد ﷺ متفقة في قواعد الدين وأصول الإيمان: من توحيد الله -تعالى-، ونفي الشريك له، وتنزيهه عن النقائص المتضمن لنفي الصاحبة والولد،
1 / 196