Minhaj Muttaqin
كتاب منهاج المتقين في علم الكلام(للقرشي)
Türler
فصل وأما الركن الثاني وهو أن المحدث لا بد له من محدث، فقد اتفق العقلاء على أنه لا بد من أمر.
قيل: والعلم بذلك ضروري، ونحن نستدل استظهارا فنقول: المحدث إما أن يحدث مع الوجوب أو مع الجواز أو في كليهما يلزم حصوله، لم يزل دفعة واحدة، أو أن لا يحصل أبدا إذ ليس بأن يجب أو يجوز في حال أولى من حال، ولا بأن يجب أو يجوز أولى من أن لا يجب ولا يجوز لو لا ثبوت أمر لأجله كان الحدوث أولى من العدم، والحدوث في حال أولى من حال.
دليل، قد وجد في المحدثات ما فيه إحكام عظيم، وصنعة باهرة وإتقان عجيب، فلو كان ذلك لا من مؤثر أو من موجب لصح أن يجتمع الواح في البحر ويتركب منها سفينة محكمة من دون صانع أو تطيع لتك الألواح.
دليل: قد ثبت أن لنا أفعالا وأنها محدثة، وأنها محتاجة إلينا، وإنما احتاجت إلينا لحدوثها، والأجسام قد شاركتها في الحدوث، فيجب أن تشاركها في الاحتياج إلى محدث.
وهذه خمسة أصول، أما الأولان فيقدما في الدعوتين الأولتين، وأما الثالث فمعنى حاجتها إلينا أنه لولا نحن لما وجدت، وأن لا حول لنا فيها، تأثيرا من كوننا قادرين ومريدين ونحوهما.
دليله أنها توجد بحسب قصودنا ودواعينا، وينبغي بحسب كراهتنا وصوارفنا تحقيقا أو تقديرا مع سلامة الحال، ويتعلق بها المدح والذم، وليس كذلك أفعال غيرنا كالجواهر والألوان، وحركات غيرنا وكلامه ونحو ذلك.
وأما أنها إنما احتاجت /65/ إلينا لحدوثها فلأن الذي يقف على أحوالنا هو حدوثها أو حدوثها على وجه، ولأنها إما أن تحتاج إلينا لأجل عدمها، وهو ظاهر البطلان؛ لأنها معدومة قبل أن يكون لنا فيها تأثيرا، ولأجل بقائها، وهو باطل أيضا، لأن كثيرا منها لا يبقى، وإن اخترنا بقاه وكثيرا يبقى، وإن اخترنا زواله ولأنه كان يلزم إذا مات الكاتب والباني أن تزول الكتابة والبناء لفقد ما يحتاجان إليه أو لأجل حدوثها، وهو المطلوب.
Sayfa 98