ثم استدل على أن الله تعالى قادر بأنه لو كان موجبا لكان إما أن يقف تأثيره في العالم على شرط أم لا، إن لم يقف لزم قدم العالم أو حدوث الصانع وإن وقف على شرط فهو إما قديم فيلزم قدم العالم، وإما محدث فيكون الكلام منه كالكلام في العالم.
فيقال له: هذه المقدمة غير برهانية؛ لأن للخصم أن يقول بل يقف على شرط، وهو حصول الوقت الذي تمكن فيه وجود العالم لاستحالة وجوده في الأزل، كما تقولونه أنتم في تأثيره على جهة الإختيار، فلا يكون بد من الرجوع إلى استدلال المعتزلة الذي هو من قبيل المشهورات عنده.
ثم استدل على أن الله تعالى عالم بأن أفعاله محكمة متقنة، وكل من كان كذلك كان عالما.
قال: ونحن نعلم ذلك ضرورة بعد الاستقراء والاختبار في الشاهد بم فسر كونه متقنا بمطابقته للمصلحة.
فيقال له: هذا القياس قياس التمثيل الذي هو عندك ظني، فكيف تورده في هذه المسألة، ثم كيف يستدل بالشاهد وهو لا فعل له فضلا عن أن يكون محكما، ثم كيف يدعي أن فعل الله متقن مطابق للمصلحة مع أن كل قبيح وظلم وعبث وكذب وفساد فهو فاعله، ثم كيف يقول معلوم ضرورة بعد الاستقراء، والاستقراء إنما يفيد الظن.
وكذلك استدل على أن الله تعالى حي بصحة أن يقدر ويعلم، وعلى أنه مريد بوقوع أفعاله على الوجوه المختلفة، وعلى أنه لا يقع في ملكه ما لا يريده بأنه يدل على العجز كالشاهد، وكل هذه الأقيسية من باب التمثيل الذي عابوه على أهل العدل وجعلوه ظنيا /40/.
Sayfa 61