قيل له: وجوب النظر عند الخوف معلوم ضرورة أو بالرد إلى ما علم ضرورة، فلا يحتاج إلى نظر، وإن سلمنا احتياجه إليه فهو نظر في معرفة الله، فلا يخرج عما قلناه.
فإن قال: هلا كان القصد إلى النظر أول الواجبات؟
قيل له: النظر جنس الفعل من حيث لا يقع إلا نظرا، ومن حيث لا يحتاج في وجوده إلى كون فاعله عالما، ومن حيث لا يقع إلا حسنا فلا يحتاج إلى القصد /32/ فإذا القصد غير واجب فضلا عن كونه أول الواجبات.
القول في الأدلة وبيان ما يصح الاستدلال به على الله تعالى وما لا يصح
الدليل في اللغة: هو ما يعرف طرق الأمكنة على وجه يقتدى به أو بقوله، ولا فرق بين أن يكون متقدما أو متأخرا بأن يقول يمينا أو شمالا كما فعلت ابنة شعيب في دلالة موسى عليه السلام، ولا فرق أيضا بين أن يكون جمادا أو حيوانا، فإنا نقول نصب هذا الميل ليدل الناس على الطريق، ونقول: دلنا الجبل الفلاني على البلد، ولا فرق أيضا بين أن يكون عالا أو غيره، فإنهم يقولون دلنا الجمل على بلد أهل، ودلنا صوت الكلاب على مكان الحي، ونحو ذلك.
والدلالة: هي العلامة في اللغة. وفي الاصطلاح: الدليل والدلالة واحد، وهو ما إذا نظر فيه الناظر على الوجه الصحيح أوصله إلى العلم بالغير أو بصفة أو حكم للغير.
قلنا: أوصله إلى العلم بالغير، ولم نقل: بالمطلوب احترازا من طريقة النظر، وهي أن ينظر في صفة أو حكم الذات فيحصل له العلم بصفة أخرى، وحكم لتلك الذات كان ينظر في كونه تعالى قادرا عالما، فيحصل له العلم بكونه حيا، وكان ينظر في جواز العدم على الإعراض، فيعلم حدوثها، وهو معترض بصحة الفعل، فإنها دليل على كونه قادرا، ومع ذلك فإنهما يختصان ذاتا واحدة.
Sayfa 51