337

Minhaj Muttaqin

كتاب منهاج المتقين في علم الكلام(للقرشي)

وعن الأصمع ابن نباتة، قال: قام شيخ إلى علي بعد انصرافه من صفين فقال: أخبرنا عن مسيرنا إلى الشام أكان بقضاء الله وقدرة؟ فقال رضي الله عنه: (والذي فلق الحبة وبرأ النسمة ما وطئنا موطئا ولا هبطنا واديا ولا علونا تلعة إلا بضاء وقدر ) فقال الشيخ: عند الله أحتسب عنائي ما أرى لي من الأجر شيئا، فقال له: (مه أيها الشيخ بل أعظم الله أجركم في مسيركم وأنتم سائرون وفي منصرفكم وأنتم منصرفون ولم تكونوا في شيء من حالاتكم مكرهين ولا إليها مضطرين)، فقال الشيخ: كيف والقضا والقدر ساقانا؟ قال: (ويحك لعلك ظننت قضاء لازما وقدرا حتما لو كان ذلك كذلك لبطل الثواب والعقاب والوعد والوعيد والأمر والنهي ولم يأت من الله لائمة لمذنب ولا محمدة لمحسن ولم يكن المحسن أولى بالمدح من المسيء تلك مقالة عبدة الأوثان وجنود الشيطان وشهود الزور وأهل العمى عن الصواب وهم قدرية هذه الأمة ومجوسها إن الله تعالى أمر تخييرا ونهى تحذيرا وكلف يسيرا ولم يعص مغلوبا ولم يطع مكروها ولم يرسل الرسل /226/ إلى خلقه عبثا ولم يخلق السموات والأرض وما بينهما باطلا، ذلك ظن الذين كفروا فويل للذين كفروا من النار) فقال الشيخ: فما القضا والقدر اللذان ما سرنا إلا بهما؟ قال: (هو الأمر من الله والحكم، ثم تلا {وقضا ربك ألا تعبدوا إلا إياه} فنهض الشيخ مسرورا وهو يقول:

أنت الإمام الذي نرجوا بطاعته .... يوم الحساب من الرحمن رضوانا

أوضحت من ديننا ما كان ملتبسا .... جزاك ربك عنا فيه إحسانا

وعن الحسن البصري أن الله بعث محمد والعرب قدرية مجبرة يحملون ذنوبهم على الله تعالى مصداقة في قوله تعالى: {وإذا فعلوا فاحشة قالوا: وجدنا عليها آباءنا والله أمرنا بها..}الآية، وفي قوله تعالى: {سيقول الذين أشركوا لو شاء الله ما أشركنا} ونحوها.

Sayfa 343