Min Naql Ila Ibdac Nass
من النقل إلى الإبداع (المجلد الأول النقل): (٢) النص: الترجمة – المصطلح – التعليق
Türler
كما لا يجوز للمحقق الحديث شرح النص المترجم بالرجوع إلى أعمال المؤلف الأخرى؛ فكل نص له وحدته المستقلة أو بالعودة إلى باقي المؤلفين اليونان، مثل شرح جالينوس اعتمادا على أبقراط؛ فكل مؤلف له رؤيته للعالم بصرف النظر عن اتفاقه في العلم الدقيق مثل الطب مع مؤلف آخر. ولا يتم ذلك إلا إذا كان هناك نسق في الترجمة يتضح في كل النصوص.
117
ولا يجوز تصحيح الترجمة العربية القديمة بشروحها وملخصاتها وجوامعها التالية؛ فتلك مراحل مختلفة لحياة النصوص في التاريخ؛ فالتلخيص ليس ترجمة بل هو إدماج للألفاظ، من أجل إبراز المعنى حتى يمكن التعامل مع المعاني بعد ذلك في مرحلة التأليف. كما أن الشرح أو التفسير تفصيل للمعاني حتى يمكن إرجاؤها إلى وحداتها الأولية، قبل إعادة تركيبها في التلخيص. أما الجوامع فهي عود إلى الأشياء ذاتها، من أجل رؤيتها على نحو مستقل بصرف النظر عن الأطر الحضارية؛ لذلك لا يجوز تصحيح ترجمة الأخلاق لأرسطو بتلخيص ابن رشد.
118
وحتى لو كانت الترجمة العربية الصحيحة، فإن مقياس صحتها ليس تطابقها مع النص اليوناني بل حسن أدائها المعنى، وليس مقياس صحتها تطابقها مع الترجمة الغربية الحديثة؛ نظرا لاختلاف الموقف الحضاري للترجمتين.
119
كما أنه ليس من مهمة الترجمة العربية تصحيح الترجمة الغربية الحديثة؛ فليس الهدف هو إيجاد ترجمة غربية «صحيحة» والوسيلة هي الترجمة العربية القديمة؛ نظرا لاختلاف الموقف الحضاري بين الترجمتين. وإذا كانت الترجمة العربية خاطئة محرفة، تحذف وتضيف، وتخطئ وتسيء فهم، فكيف يمكن استعمالها لتصحيح الترجمة الغربية الحديثة؟ ولا يجدي الفرح بتطابق الترجمة العربية القديمة مع الترجمة الغربية الحديثة، إلا حين الإحساس بالنقص أمام الآخر.
120
ولا يجوز تصحيح الترجمة القديمة بشراحها العرب؛ فالترجمة نقل والشرح تحول من النقل إلى الإبداع. الترجمة عمل حضاري مزدوج، نقل النص من ثقافة الوافد إلى ثقافة الموروث. والشرح عمل حضاري واحد، تحويل النص من نص مترجم إلى نص شارح في ثقافة الموروث، خطوة نحو العرض والتأليف والتراكم ثم الإبداع.
121
Bilinmeyen sayfa