أما عرفت - يا عزيزي - تلك الصناديق؟ إنها صدور الشباب وأنت واحد منهم.
يقول المثل: إذا كذبت بعد شهودك، فالحمد لله أنكم أنتم تشهدون من تلقاء أنفسكم، وما تشهدون إلا بالحق.
قال السيد المسيح عندما سئل عمن يشهد له حين ادعى أنه ابن البشر: أنا أشهد لنفسي، وأبي الذي في السماء يشهد لي، وأنا أقول: أنا، علم الله، شهيد لنفسي، وتلاميذي يشهدون، وما عودتهم غير قول الحق، ووقوفهم أمامي بجسارة، على رغم ما في روح الأستاذ - وخصوصا إذا كان مديرا - من دكتاتورية.
لا تحزن على شيء مما تراه، ولا تحسد من يتمتعون بخيرات هذا الاستقلال، ولا تفرح لخيرات كهذه ... ولا تحترم من يدير «لفته» كل ساعة مع الهوى ...
وأنا - إن حزنت على شيء - فعلى هذا الاستئثار الذي يضر «بالعهد» فالعهد لا توطد أركانه بضع عشرة أسرة. العهد محتاج إلى أن يكون له في كل بيت نصير، وأن يكون له من كل شاب شهيد.
تذكر يا حسن، كيف دك عرش الأمير بشير الكبير، حين أصبح أعوانه بضعة عشر نفرا. ما عتم أن عرف بالمالطي بعد أن كان أبا سعدي المرهوب الحمية.
الناس يا عزيزي مع الواقف، ومتى تسنى لهم دفشه لا يقصرون.
أما أنا يا عزيزي، فعلي أن أعظ، وما وقفتي من الحوادث التي مرت على رأسي إلا كما قال المتنبي في ممدوحه العظيم:
تمر بك الأبطال كلمى هزيمة
ووجهك وضاح وثغرك باسم
Bilinmeyen sayfa