İnancından Devrime (1): Teorik Girişler
من العقيدة إلى الثورة (١): المقدمات النظرية
Türler
بل أنا فقيه من فقهاء المسلمين أجدد لهم دينهم وأرعى مصالح الناس. ليس لنا ألقاب، بل نحن من علماء الأمة، ورثة الأنبياء، والمحافظون على الشرع كما كان فقهاء الأمة من قبل، لا نريد مدحا ولا تعظيما كما فعل القدماء، فقد أعطي نفس اللقب لأكثر من عالم وإمام، وأعطي للإمام والعالم أكثر من لقب، وكثرت الألقاب قبل الاسم وبعده، يصحبه دعاء حتى اختلطت الوظائف بالألقاب، ويتساءل الإنسان: طالما أن في الأمة كل هؤلاء العلماء سيوف الدين، فلماذا احتلت الأرض، ونهبت الثروات، وقهرت الحريات، وتجزأت الأمة، وتخلفت الأبنية الاجتماعية، وتغربت الهوية، وسكنت الجماهير؟ ولا نريد أن نضيف إلى مئات الألقاب واحدا، إنما نحن أحد علماء الأمة وواحد من المجتهدين.
وكما يستعين القدماء بالله، فإننا نستعين بقدرة الإنسان على الفهم والفعل، على النظر والعمل بالاعتماد على النصوص القديمة وتجارب العصر، ولا عصمة لأحد، والخطأ خطئي وحدي، فلا يستطيع الباحث أن يعي كل شيء، وأن يعرف كل تحليل، وأن يكون على علم تام بمطالب العصر؛ ومن ثم فهي اجتهادات ومواقف محتملة، وكل التفسيرات ممكنة إذا كان فيها تلبية لمطالب العصر. فلا توجد صحة نظرية بقدر ما هناك من فائدة عملية.
47
وإذا كانت أخطاء القدماء تتغير بالتوبة والاستغفار، فإن أخطاءنا تتغير بالتعلم والاستفادة والمراجعة والنقد، ثم العود من جديد للقيام بنفس المهمة في تأصيل جديد عقلي مصلحي لعلم أصول الدين على أساس من اجتهاد العصر، والاكتساب النظري والعملي للصواب.
48
وإذا كان القدماء يريدون ثوابا في الجنة أو إنقاذا من النار، فإننا نريد صلاح الأمة؛ تحرير أراضيها، وإعادة توزيع ثرواتها بالعدل والمساواة، وإطلاق حرياتها في القول والعمل والاعتقاد، وتوحيد شتاتها، والقضاء على تخلفها ، وإعادتها إلى هويتها من غربتها، وتجنيد جماهيرها؛ نريد تحقيق الإصلاح في الأرض، ومقاومة الفساد فيها.
49
ولا أرجو مفازة، ولا أبغي جزاء، بل سير الحضارة بعد أن توقفت، ونقلها من طور إلى طور، من الطور الثاني (من القرن السابع حتى الرابع عشر) إلى الطور الثالث (ابتداء من القرن الخامس عشر)، مفازتي في تحمل المسئولية الوطنية والواجب الحضاري، رسالة العلماء وأمانة الجماهير، لا أطلب ثوابا أخرويا ولا جزاء دنيويا، بل تأدية الرسالة؛ فالرسالة تحتوي على جزائها في باطنها بتحقيقها، وتحول الإنسان من الفردية إلى حياة الحضارة الجماعية، فيتحول الفرد إلى تاريخ، والزمان إلى خلود.
50
ونادرا ما تصدر عقائد القدماء عن تجربة شخصية أصيلة، فإذا حدثت فإنها تجربة شروح وحواشي، فالمادة «الكلامية» محفوظة ومرصوصة، يتناقلها المصنفون أبا عن جد، وابنا عن أب، وتلميذا عن شيخ، فهم مصنفون وليسوا مؤلفين، يرتبون ويبوبون مادة صماء لا باعث فيها ولا هدف لها، وأقصى ما يوجد من تجارب شعورية وراء المؤلفات هي تجارب الشرح قبل فوات العمر!
Bilinmeyen sayfa