وفي اليوم الثاني من شهر رجب عام 1407ه اشتكى وجع الصداع، واستمر فيه ثلاثة أيام وتعقبه فهاق متتابع، وفي بعض الأوقات يعرض له حمى شديدة، واستمر المرض سبعة عشر يوما، وفي ليلة الخميس التاسع عشر من الشهر أفهمنا بأن المرض قد خف، إلا إنه اشتكى الضعف والوهن، ولكنه بما أودع الله من نور العلم في قلبه عرف أن الدعوة الربانية قد وافته، فأدى فريضتي المغرب والعشاء في جماعة بالوضوء الشرعي، ثم رمز إلى حفيده والذي كان يأنس به في حياته، ويعتمد عليه في أكثر أموره، الولد العلامة التقي أحمد بن يحيى العجري حفظه الله، أن يقرأ سورة (يس) عند رأسه، ويرفع بها صوته لما ورد في قراءتها من الآثار، فما لبث بعد أن تمت التلاوة إلا قدر ساعة، ثم فاضت نفسه المطمئنة الزكية راجعة إلى ربها راضية مرضية بدون نزاع ولا حشرجة، وإنما استلت روحه الطاهرة بنهزة خفيفة تشبه التنحنح في قدر دقيقتين، والتحقت بالرفيق الأعلى مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا، ذلك الفضل من الله وكفى بالله عليما.
سلام الله ورحمته ورضوانه على تلك الروح الطاهرة.
ومن عجيب ما اتفق وتحقق وقوعه وصدق مقالته، التي كان يكررها قبل وفاته بأعوام وفي مدة مرضه، أنه متوقع لحادث عظيم في عام سبعة، وأي حادث أعظم من وفاته، وافتقاد قطب من أقطاب الإسلام، وجبل من جبال العلوم الراسخة، وعلم من أعلام الهداية الشامخة، وارث علوم آبائه الأخيار، ومحيي شريعة جده المختار صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله الأطهار.
إنها رزية وأي رزية، ولكن الله تعالى يقول: {ولنبلونكم بشيء من الخوف والجوع ونقص من الأموال والأنفس والثمرات وبشر الصابرين ، الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون }[البقرة: 155،156].
Sayfa 29