Memoirs of a Witness to the Century
مذكرات شاهد للقرن
Araştırmacı
(إشراف ندوة مالك بن نبي)
Yayıncı
دار الفكر
Baskı Numarası
الثانية
Yayın Yılı
١٤٠٤هـ - ١٩٨٤م
Yayın Yeri
دمشق - سورية
Türler
أخرى يصحبني معه إلى ذلك المقهى الصغير في حي (بن شريف) حيث يلعب (الداما) مع أقرانه، ويستعيد معهم ذكريات السنين الخوالي، وقد تتدخل أحداث الحرب الدائرة التي دخلت فيها تركيا إلى جانب ألمانيا والنمسا فتجذب إليها أطراف الحديث، فهذا الحدث وضع موضوع الحرب على الصعيد الديني لأن خليفة المسلمين في استنبول أصبح الآن طرفًا فيها. والخليفة لديه بحسب اعتقادهم سلاح رهيب. فإن سيدي (زرودي) معلم القرآن الذي يسكن معنا في الدار نفسها قال لهم: «لو أن الخليفة لوّح براية النبي محمد التي لديه فالعالم سيلتهب». هذا التهديد التقي لم يكن بجاجة للتنفيذ، فالعالم كان يشتعل فعلًا.
لقد كان لمعركة الدردنيل في قسنطينة دوي كبير خاصة في الوسط اليهودي.
فالقيادة الفرنسية كانت حذرة أن يشترك الرماة الجزائريون في المعركة، فاختارت لذلك الميدان فرقة الزوارق التي يكثر اليهود فيها.
لقد لف الغلاء الحياة في المدينة فهدم طبقة قديمة تعيش على موارد الأرض والحرف التقليدية، ورفع على أنقاضها بفضل المضاربة طبقة من الأثرياء الجدد تعيش على التجارة. لقد آذن ذلك العصر بأفول نجم العائلات القديمة لقسنطينة، وأضحى الخط الاقتصادي الجديد يفرض تحولًا في العقلية وفي مظاهر الحياة.
لقد تَكّيَّفَ جدي مع هذا التحول بطريقته الخاصة، أعني بطريقة شيخ يرى التحول يرزأ وسطه العائلي. لقد كان يتحدث عن ذلك مع أصدقائه الشيوخ بمرارة حينما كنت أرافقه أحيانًا إلى كشك للدخان يملكه في ساحة (بريش Brèche) صباحًا، ليقرأ الصحيفة ولينزه كلبه.
لقد أراد جدي على الرغم من ذلك كله أن يحافظ على مظهر سَيِّد. فكان يلبس بأناقة تلك الثياب ذات الطابع القسنطيني، ويسلم كشكه لإدارة شخص آخر فيما هو يصرف وقته في الحديث وقراءة صحيفته ولعب الداما، وكان الصيد يستأثر باهتهامه الكبير، لقد كان صيادًا ماهرًا وكلبه الأصيل رفيق وفي.
1 / 34