172

Meditations

تأملات

Soruşturmacı

(إشراف ندوة مالك بن نبي)

Yayıncı

دار الفكر

Baskı

الأولى

Yayın Yılı

١٩٧٩م.

Yayın Yeri

دمشق سورية

Türler

أما لو حللنا الصورة الشمسية الخاصة بنهضة، ليابان، فإننا نجد فيها أيضا مع الأشياء الغربية الحديثة أشياء عتيقة من مخلفات حضارة (الميكادو، والساموراي)، وإننا سوف نجد فيها إلى جانب عالم زاخر بالأشياء، عالما آخر زاخرًا بالأفكار الجديدة: الأفكار التي نبعت من عبقرية اليابان لما اصطدم بواقع القرن التاسع عشر. وهذه الملاحظة جديرة بالتأمل، لأنها تكشف لنا عن الفارق العظيم، بين الصلة التي ربطها اليابان بالحضارة الغربية وبين صلتنا بها. إن اليابان وقف من الحضارة الغربية موقف التلميذ، ووقفنا منها موقف الزبون. إنه استورد منها الأفكار خاصة ونحن استوردنا منها الأشياء خاصة ...
إنه كان خلال- سنوات (١٨٦٨ - ١٩٠٥) ينشئ حضارة، وكنا نشتري بضاعة حضارة، وكان البون بيننا شاسعًا والخلاف جوهريًا، يؤدي حتما إلى ترجيح كفة اليابان كما بينا في الموازنة التي عقدناها لسنة ١٩٠٥.
إن هذه النظرة إلى الماضي أفادتنا شيئين: إن حركة النهضة العربية كانت تسير على بطء، ثم إنها لم تكن تتجه نحو إنشاء حضارة، أو على الأقل إنها لم تنظم اتجاهها نحو الحضارة.
ومن الطبيعي إذن أن نفترض فيها أولًا وجود عوامل تعطيل نفسية، أثرت
في سيرها خلال الحقبة التي جعلناها عن قصد موضوع البحث. وثانيًا وجود عوامل أخرى فكرية أثرت في اتجاهها تأثيرًا سلبيًا.
والمشكلة في صورتها الجديدة إذن هي أن نتساءل: هل زال مفعول هذه العوامل المعوقة للنهضة العربية أم لا؟ ومن الواضح أننا لا نملك في أيدينا شيئا يتيح لنا الجواب عن هذا السؤال جوابًا يقنعنا، لأنه يتطلب دراسة موضوعية لم نقم بها ولا نعلم أن أحدًا قام بها. إنه بلغنا أن القضية دخلت أخيرًا إلى المختبر لتدرس، وأن لجنة تأسست بالقاهرة لدراسة هذا الجانب النفساني في إطار التخطيطات القائمة اليوم. ولكننا قبل أن تصلنا نتيجة هذه الدراسة الموضوعية،

1 / 187