Eski Mısır Ansiklopedisi (Birinci Cilt): Tarih Öncesi Dönemden İhnaç Devrine Kadar
موسوعة مصر القديمة (الجزء الأول): في عصرما قبل التاريخ إلى نهاية العصرالإهناسي
Türler
بلط من الظران عثر عليها في طيبة من العهد الآشيلي.
قبضة يد من الظران من العصر الآشيلي «تستعمل كبلطة».
وكذلك الأبحاث العدة التي عملت في أفريقيا الشمالية تتفق مع ما كشف في أوروبا، وقد صرح علماء ما قبل التاريخ بأن حالة الحياة كانت على ساحل البحر الأبيض المتوسط كله واحدة، ولا ريب أن في هذا الزمن كان مضيق جبل طارق مفتوحا في بداية الزمن البلستوسيني، وبذلك انمحى الاتصال القديم الذي كان بين إسبانيا ومراكش، ولكن يظن في الوقت نفسه أنه كانت هناك قنطرة عظيمة طبيعية تربط تونس بصقلية وإيطاليا الشمالية ولو أن ذلك مشكوك فيه إلا أنه - على كل حال - لم يكن الاتصال عسيرا بين شاطئ بحر داخلي أقل اتساعا من البحر الأبيض المتوسط الحالي.
ويمكننا أن نشبه هذا القطر - الذي انكمش الجزء المسكون منه إلى شريط ساحلي - بجنة تجري من تحتها الأنهار، حيث كانت الأمطار الغزيرة تكسوه خضرة يانعة وغابات تحف جبال الأطلس الشاهقة، وأشجار تغطي السهول، وكانت عيون الماء والأنهار تتدفق فيها مجتذبة إليها حيوان أفريقيا المختلف الأنواع كالجمل وحمار الحبشة والقردة ومختلف أنواع الغزال والثيران التي تشبه حيوانات أوروبا في هذا العهد، وفي هذا الإقليم الذي يكثر فيه حيوان الصيد نجد آثار الإنسان في كل مكان إلى مسافات آلاف الكيلومترات من وسط المساكن الحالية.
وكان وادي النيل الذي لم يكن يفصله إلا فاصل صحراوي عن الممالك المجاورة له في ذلك الوقت يتمتع بمناخ يشبهها، وفيه من الحيوانات مثل ما فيها، وقد عثر على بعض بقايا منها ولكنها لا تعطينا فكرة واضحة، ولا شك أن الأسنان والعظام التي استخرجت من مصب النيل عند سهل العباسية الحالي، قد سدت نقصا كان في سلسلة الملاحظات التي قام بها علماء الحيوان والنبات لذلك العهد، من مراكش إلى تونس. ورغم أن دراستها لم تتم إلى الآن إلا أننا نعلم أنها لتماسيح وحيوانات ثديية عظيمة الحجم مثل الفيل وجاموس البحر والثيران، وهذه العظام والأسنان تشبه عظام الحيوانات المنسوبة للعصر الحجري القديم السفلي التي عثر عليها في أفريقيا الشمالية، وإذا كانت الرواسب النيلية لم تكشف لنا للآن عن بقايا بشرية، فإننا من جهة أخرى قد عثرنا على آلات شيلية وآشلية تشبه ما عثر عليه في أوروبا في ذلك العهد، وبذلك ظهر لنا أن وحدة الحيوان والجو في كلا الجهتين كانت متشابهة، وقد عثر فعلا على «بلط» مبعثرة أو مجتمعة على سطح الأرض في كل مكان تقريبا، فنجدها على الهضاب التي كانت تحتضن النهر في ذلك الوقت، وعلى المرتفعات التي انحسرت عنها المياه، وفي قعر الوديان، وفي منحدراتها.
وقد سبق أن ذكرنا المصانع التي عثر عليها «أرسلان» في تلال أبواب الملوك، وقد استغلها من بعده عدد من الباحثين، وقد عثروا على بعض آلات جميلة لوزية الشكل لونها لون الشيكولاتة وذلك مميز خاص لها، ويوجد منها عدد عظيم يزين متاحف أوروبا الآن، وقد كشف عن أماكن أخرى العالم «دي مرجان» في الوجه القبلي مثل طوخ و«العرابة» وإسنا، وكذلك عثر على مصانع في الفيوم وفي منطقة الأهرام بمنف، ومنذ ذلك العهد أخذت الكشوف تترى في كل جهات الوادي، وسنكتفي بذكر أهمها ونخص بالكلام المحطة التي عثر عليها بالقرب من نجع حمادي المعروفة بأبي النور ومصنعا في الجبل الأحمر الواقع في الشمال الشرقي من القاهرة، وقد وجدت فيه مجموعة آلات مصنوعة من حجر الكوارتسيت، وبالقرب من قنا عثر على مصنع يرجع عهده إلى الصناعة الآشيلية.
وقد كشفت الأبحاث أن العصر الحجري القديم السفلي لا يقتصر على شاطئ النيل، بل يمتد إلى الصحاري التي تحتضن هذا النهر العظيم بين جنبيها، ولا أدل على ذلك من الآلات التي وجدها الأب «ريشار» في الغابات المتحجرة الواقعة شرقي القاهرة الحالية، وقد كان وجودها في هذا المكان الباعث له على هذه الفكرة، ثم جاءت أبحاث العالم «شفينفورت» أيضا تؤيد هذه الفكرة، ولما كان العالم «دي مرجان» كلف بمعرفة مقدار امتداد الصناعات الأولية الفطرية لذلك العصر، أرسل العالم «لجران» لارتياد الصحراء اللوبية، وفعلا صادف في طريقه من الأقصر إلى الواحة الخارجة ثم من الخارجة للعرابة المدفونة عدة مصانع سطحية، وكذلك عثر على طرق قديمة كانت تبتدئ من النيل إلى الواحات، وقد لاحظ قاعدة عامة هي أنه عند كل عقبة - أي عند كل نقطة يجتاز فيها طريق القوافل هضبة حادة - كانت توجد محطة من العصر الحجري القديم السفلي، وكذلك قام «هنري دي مرجان» شقيق «دي مرجان» مدير مصلحة الآثار برحلة، وقد لاحظ نفس الملاحظات في الوديان التي تربط إسنا بواحة كركور.
ولا يفوتنا أن نذكر هنا المصانع العدة التي عثر عليها «شفينفورت» قبل بداية الحرب العظمى في أبي العجاج الذي ينفذ على النيل شمال أسوان، وهذه المصانع كانت تصنع فيها آلات من الحجر النوبي، وقد قام عدد من العلماء في السنين الأخيرة بفحص الواحات فحصا منظما فعثرت الحملة التي قام بها الأمير كمال الدين حسين على آلات من الصناعة الشيلية والآشيلية على الهضاب التي تمتد غرب الواحات، ويمكن رؤيتها حتى على مرتفعات «العوينات» في قلب الصحراء.
على أن هذه المحطات السطحية مهما كانت فائدتها، فإنها في الواقع لم تشف غلة الباحث المدقق إلا قليلا. إذ إنها وإن كانت قد كشفت لنا عن وجود إنسان العصر الحجري القديم ومواطن سكناه في مصر إلا أنها لم تبرز لنا شيئا عن صناعته وتدرجها نحو الرقي، ويلاحظ أن هذه الأماكن التي كان يختارها الإنسان الأولي قريبة من المياه ومن مناطق خصبة عامرة بالنبات زاخرة بحيوان الصيد، كانت تسكن القبائل الفطرية أحيانا قرونا عدة حتى يأتي وقت يضطرون فيه إلى الهجرة منها. ومن أجل ذلك نجد على سطح الأرض آلات مختلطا بعضها ببعض وأسلحة من الحجر تركها السكان الذين كانوا غالبا من شعوب مختلفي الثقافة، وليس من السهل وجود أماكن لم يحدث فيها اختلاط، وقد كان من حسن حظ الباحث «سند فورد» أنه عثر على محطة من هذا النوع الأخير في إقليم قنا.
ومنذ زمن بعيد أخذ العلماء يبحثون عن الرواسب التي تخبئ في باطنها أقدم الآلات التي صنعها الإنسان الفطري، وقد جادت الصدف السعيدة بوجود آلات مرتبة حسب قدمها في طبقات جيولوجية بعضها فوق بعض، وقد حاول بعض العلماء من قبل الوصول إلى ذلك، ولكنهم لم يفلحوا حتى أسعد الحظ العالم «دي مرجان» قبل موته ببضعة أشهر، فعثر على رواسب في طبقات بعضها فوق بعض حلت المشكل نهائيا، وهذه الرواسب كانت موجودة غير أنه كان من الضروري البحث عنها في مظانها، وكان ذلك لا يتأتى إلا في جوف الأرض على بعد عميق؛ أي عند مصب النهر القديم؛ إذ هناك تقف المياه في طريق مجراها، وتترك رواسبها التي لا يمكن حملها أبعد من ذلك، وقد كان من الطبيعي أن تتجمع هذه الرواسب طوال مدة العصر الحجري القديم السفلي حافظة في طبقاتها التي تكون بعضها فوق بعض بقايا الصناعات المعاصرة لكل طبقة.
Bilinmeyen sayfa