على سخينة لولا الليل والحرم
ولوا شلالا وعظم الخيل لاحقة
كما تخب إلى أعطانها النعم
وهي قصيدة طويلة، وهي حجة من استدل بهذا البيت أن عكاظا قريب مكة، وهو لا يعلم أين موضع المعركة التي ذكر هذا البيت من أجلها، فإني أعلمها وأعلم السبب الذي جرها، وأعلم موضع المعركة، كانت في بطن نخلة بين الزيمة والبهيتة؛ فأما السبب الذي من أجله نشأت وهي أول أيام الفجار: لما اجتمعت العرب في عكاظ، وكان عروة الرحال سيد وازن قد أجار لطيمة النعمان بن المنذر التي يبعثها إلى عكاظ في كل عام تباع فيه - واللطيمة إبل تحمل الطيب والبز وطرائف من تجارة الحيرة - فلما انتصف في طريقه تبعه البراض الكناني فقتله قريب النقرة، ثم بعث رجلا إلى حرب بن أمية وهو سيد قريش في ذلك الوقت يخبره أنه قتل عروة سيد هوازن، وقال له ستجده في عكاظ، وأخبره سرا ولا تعلم بك هوازن، ففعل الرجل وأخبر حربا، فاستشار حرب رؤساء قريش وبني كنانة واتفق رأيهم على أن ينصرفوا إلى مكة ولا يحضروا عكاظا في هذا العام، ويعتذروا للقيسية بعذر عند خروجهم، ففعلوا، فبعد مضي يوم وليلة علمت القيسية بمقتل عروة، وكان سيد قيس عيلان في ذلك الوقت عامر بن مالك الذي يقال له ملاعب الأسنة، فنهض بقيس عيلان ولحقوا قريشا وكنانة، فدارت المعركة بينهم في بطن نخلة، وانهزمت قريش ومن معها، فقال خداش بن زهير هذا البيت، وظن من سمعه أن المعركة في عكاظ، وقد أفرد لهذه المعركة يوم من أيام العرب فسمي يوم نخلة، وهو يعد من أيام الفجار؛ لأنه في الأشهر الحرم، فلم تسم الفجار إلا أنهم فجروا في الأشهر الحرم، فإن الأيام الباقية غير هذا اليوم التي يقال لها الفجار فهي تنشأ في سوق عكاظ، وتدور المعركة إلى أي جهة منه، فتسمى المعركة باسم تلك الجهة، كيوم العبلاء ويوم شرب ويوم الحريرة كلها في عكاظ. وجميع ما ذكرناه عن تحديد عكاظ حاضره بأيدينا.
والحرب امتدت بين قريش وبين القيسية خمس سنوات، كل سنة تدور معركة بين الفريقين، أولها يوم نخلة . الثاني: يوم شمطة، وقال هو موضع في عكاظ. الثالث: يوم العبلاء. الرابع: يوم شرب. الخامس: يوم الحريرة. انتهى.
قد اطلعت على مصادر كتاب أيام العرب والأسانيد التي اعتمد عليها، فوجدتها من أعظم الكتب وأصحها لغرض المصنف، منها: الإكليل، والأمالي، والأزمنة والأمكنة، وأساس البلاغة، والأغاني، وتاج العروس، وتاريخ الطبري، وتاريخ العرب قبل الإسلام، وتاريخ الذهبي، وسبائك الذهب، وسيرة ابن هشام، والعقد الفريد، وصبح الأعشى، وصحيح مسلم، وصفة جزيرة العرب، وعيون الأخبار، وطبقات ابن سعد، وتاريخ الأدب العربي، وتاريخ التمدن الإسلامي، وتاريخ اليهود في بلاد العرب، ورياض الصالحين، وخزانة الأدب، وصحيح البخاري، وفتح الباري لابن حجر، والكامل لابن الأثير، والكامل للمبرد، ولسان العرب، ومجمع الأمثال للميداني، ومسالك الأبصار في ممالك الأمصار، ومعجم البلدان لياقوت، ومعجم ما استعجم للبكري، والنهاية لابن الأثير، ونهاية الأدب للنويري.
فلم نذكر من هذه المصادر إلا قريب ثلث ما ذكره مصنف الكتاب، واكتفينا بما ذكرنا، وعلى الله الاعتماد، وصلى الله على رسوله وسلم.
المملوك
محمد بليهد
هوامش
Bilinmeyen sayfa