ويستمعون له فيما يبلغهم من أوامر الله ونواهيه، ولكنهم يستمعون له لأنه يزحزحهم عن طريق الغضب والنكال.
ويجب عليه قبل كل شيء أن يعرف الغيب؛ ليعرف الخطر المتوقع عليهم وعلى أعدائهم الذين يبغضونهم، ولا يقدرون على قتالهم، وربما طلبوا منه أن يكشف لهم الغيب لما هو أهون من ذلك بكثير، وهو تعريفهم بمكان المال الضائع، والحيوان الضال.
ولبثت مهمة النبي عندهم معلقة على دلالة الأمانة في المكان المجهول والزمان المجهول، ولكنها دلالة الأمان من أخطار محسوسة تشبه تلك الأخطار التي تحذرنا منها المراصد ومكاتب التأمين، فمنها أخطار الخراب، وأخطار الوباء، وأخطار المصائب في الأقارب والأعزاء.
ولم يبلغ أحد من أنبياء بني إسرائيل مكانة أعلى من مكانة يعقوب، الذي ينسب إليه بنو إسرائيل، أو موسى الذي يدينون له بالشريعة، ثم صمويل وحزقيال وأرميا من أصحاب النبوءات غير المشترعين.
وكل هؤلاء كانت مهمة النبوة فيهم مقترنة بالمهمة الأخرى التي لا فكاك منها، وهي دلالة الأمان بالمعنى المتقدم، أو دلالة الأمان كما يترقبها المرء من المراصد ومكاتب التأمين، وإن تكن قائمة على الهداية والتعليم.
فمن نبوءات يعقوب يفهم أنهم كانوا يعولون عليه في رصد النجوم، وأن كل اسم من أسماء الأبناء يشير إلى برج من بروج السماء، ولا نستقصي الأسماء هنا، بل نشير منها إلى مثلين يغنيان عن غيرهما، وهما مثل يهودا وشمعون ولاوي: «فيهودا جرو أسد جثا وربض كأسد ولبؤة ... لا يزول قضيب من يهودا ومشترع من بين رجليه حتى يأتي شيلون، وله يكون خضوع شعوب.»
وهذه إشارة إلى برج الأسد، وكان عند البابليين برجان، أحدهما برج الأسد أرجولا، والآخر أرماح، أحد نجوم الدب الأكبر، وأمام الأسد في البروج برج يشير إلى علامة الملك
Seonis Rogulus
الذي تخضع له الملوك.
أما مثل شمعون ولاوى «فأخوان» سيوفهما آلات ظلم في مجلسهما لا تدخل نفسي؛ لأنهما في غضبهما قتلا إنسانا، وفي رضاهما عرقبا ثورا ...
Bilinmeyen sayfa