Matalic Tamam
مطالع التمام ونصائح الأنام ومنجاة الخواص والعوام في رد إباحة إغرام ذوي الجنايات والإجرام زيادة على ما شرع الله من الحدود والأحكام
Türler
فوجه إدخاله مافعله عمر من طرح اللبن المغشوش انه حكم أن الدرهم المغشوش لا يباع البتة بعين ولا بعرض لما رأى بيعه ذريعة إلى إدخال الغش وفساد الأسواق، وذريعة المحرم الموصلة غالبا إليه عنده محرمة، رأى أن يرد عليه أن يقال: أن في ذلك تعطيلا للمرء عن الانتفاع بماله، والأصل إباحة الانتفاع للمالك، فاجاب عن ذلك بقوله: وقد طرح .. إلى آخره.
ووجه الاستشهاد بما فعله عمر أن يقال: مغشوش وجب صرف مفسدته عن المسلمين، ولا يتأتى إلا بكسره أو بتصفيته، فوجب من باب ما لايتوصل إلى الواجب إلا به قياسا على ما صنع عمر رضي الله عنه في اللبن المغشوش، وهو احروي، لأن طرح اللبن إتلاف له جملة، بخلاف كسر الدرهم فقد فعله عمر رضي الله عنه وحكم به في مثل ما حكمت به. ألا ترى كيف أبطل منفعته باللبن المغشوش لما كان تركه بيده ذريعة إلى أن يغش به غيره؟.
ثم ما قلته من كسر الدرهم المبطل لغشه ثم يباع بعد ذلك، أسهل مما صنعه عمر، إذ عطل جميع وجوه الانتفاع به. فمالك رحمه الله لم يستشهد بالأثر عن عمر على العقوبة على الذنب بالمال، بل على أنه لم يتأت صرف مفسدة الدرهم عقوبة عن المسلمين إلا بتعطيل منفعة المغشوش صير إليه. فليس كسر الدرهم عقوبة للذي غشه، ولا طرح اللبن متمحض لذلك، وإنما المقصود الأول من ذلك إذهاب الغش، ولو تأتي تخليص ما غش به الدرهم واللبن من غير إتلاف ولا كسر، لما فعل في المال ذلك، وإنما يعاقب بغيره ذلك من عقوبات الأبدان. ألا تراه أجاز بيعه بعد الكسر وأنه خيف الغش به مكسورا أجاز بيعه بعد تصفيته؟. ألا ترى أنه لم يقل هنا" يتصدق بالدرهم الستوق (61=214/ب)، ولا: يوضع في بيت المال، ولا: يوقف، كما قال هذا المملي في احكامه البديعة التي خالف بها الشريعة؟.
فان قلت: فما وجه ما فعله عمر من طرح اللبن مع إمكان أن يتركه لصاحبه فيشتريه أويتصدق به، إن لم يكن من باب العقوبة بالمال كما زعمته؟.
Sayfa 241