Şevki'nin Tiyatro Oyunları Üzerine Dersler: Hayatı ve Şiiri
محاضرات عن مسرحيات شوقي: حياته وشعره
Türler
وإذا كان مسرح شوقي يقوم في هيكله الفني العام، من حيث إنه يتناول في كل مسرحية موضوعا، يعرضه بواسطة شخصيات تتحرك وتتحاور على خشبة المسرح، ويتطور الموضوع إلى أن يصل إلى أزمة، ثم ينتهي بحل تلك الأزمة على نحو ما، فإن الروح التي يتناول بها الأديب هذا الموضوع وأنواع الأفكار والأحاسيس والاتجاهات الأخلاقية، فضلا عن أسلوب العلاج ووسائله العقلية والجمالية، قد كانت بحكم الضرورة والتراث الموروث والتركيبات النفسية شرقية عربية، ولا بد في تحليل هذا المسرح تحليلا صحيحا، من أن نتبين عناصر كل من الاتجاهين الغربي والشرقي وتفاعل أحدهما مع الآخر.
أما عن التيار الغربي فمما لا شك فيه أنه لولا ما شاهده أحمد شوقي في فرنسا، بصفة خاصة من ألوان هذا الفن، لما خطر بباله أن يلج بابه، ومن يطلع على المقدمة التي كتبها شوقي للجزء الأول من شوقياته سنة 1898، يلاحظ بوضوح أن الشاعر قد أخذ بألوان الأدب الغربي، بمجرد أن استقر به المقام في فرنسا، حيث أرسله خديوي مصر توفيق باشا في بعثة لمدة أربع سنوات، ليدرس فيها الحقوق، ويطلع على الآداب الفرنسية، حتى يعود منها بقبس يشعل أضواء جديدة في الآداب العربية، على نحو ما قال وزير مصر رشدي باشا، في خطاب أرسله إلى الشاعر على لسان الخديوي، بل. لقد بلغ الأمر بذلك الخديوي أن حث الشاعر على أن يمعن النظر في دراسة معالم الحضارة والثقافة الفرنسية، أكثر من اهتمامه بدراسة القانون التي قال الخديوي للشاعر عنها: إنه يستطيع تحصيلها من الكتب، وهو مستقر في بيته بمصر.
ولقد لاحظ الشاعر منذ حداثته ما ابتلي به الشعر العربي من ضيق الأفق، بسبب اقتصاره في الغالب على المدح، واعتماد شعراء العربية على الملوك وذوي السلطان في رواج بضاعتهم، وود الشاعر أن لو استطاع أن يخرج من هذا الأفق الضيق الذليل، إلى مجالات الشعر الرحبة الطليقة، ولكنه لسوء الحظ كان من جهة رجلا طموحا مدينا للخديوي بأفضال كبيرة، كما كان من جهة أخرى رجلا حذرا يخشى الخروج على الأوضاع والتقاليد الثابتة المتوارثة، حتى ليقول في المقدمة الآنفة الذكر: إنه تبين «أن الأوهام إذا تمكنت من أمة كانت لباغي إبادتها كالأفعوان لا يطاق لقاؤه، ويؤخذ من خلف بأطراف البنان.» وهو يقصد بالأوهام هنا التقاليد المرعية والاتجاهات المتوارثة؛ ولذلك نراه يخضع لهذه التقاليد بالرغم من ثورته النظرية عليها، ويعترف في صراحة بأنه كمن ينهى عن شيء ويأتي مثله، ويبرر مخاوفه تلك ببعض محاولات قام بها؛ لإخراج الشعر من أفقه الضيق المحدود بالمديح، إلى آفاق أوسع، فيقول إنه أراد أن يحتال للأمر بأن يستبقي المديح، على أن يجمع في القصيدة بينه وبين الشعر الطليق المعبر عن خوالج قائله الشخصية، وبالفعل أرسل إلى الخديوي قصيدة مدح استهلها بما يشبه قصيدة مستقلة في الغزل وتحليل نفسية المرأة وهي التي مطلعها:
خدعوها بقولهم حسناء
والغواني يغرهن الثناء
وكانت العادة قد جرت عندئذ بأن تنشر مدائح الخديوي في الجريدة الرسمية، فأرسلت السراي هذه القصيدة إلى الشيخ عبد الكريم سلمان المشرف على الوقائع، وطلبت إليه أن يحذف الغزل وينشر المديح، ولكن الشيخ سلمان، كان كما يبدو، أديبا ذواقا، فرأى أن الغزل هو الذي يستحق النشر، والمدح هو الذي يستحق الحذف، وكانت النتيجة أن لم ينشر شيء من القصيدة إطلاقا.
وكان شوقي كثير التردد على مسرح الكوميدي فرانسيز في باريس، حيث شاهد الكثير من روائع الأدب التمثيلي الكلاسيكي والرومانتيكي والمعاصر، فأولع بهذا الفن، وعن له أن يحاكيه، وبالفعل وضع وهو لا يزال يطلب العلم بباريس، أولى مسرحياته وهي «علي بك»، وأرسلها إلى السراي، وتلقى من رشدي باشا ما يفيد أن الخديوي قرأها، وناقشه في بعض أجزائها وتفكه بها، وكان هذا هو كل تقدير الخديوي لها، ومن البديهي أن الخديوي كان أحرص على مدح الشاعر له، وتخليد ذكره من قراءة أو مشاهدة مسرحيات لربيبه الشاعر؛ ولذلك طواها شوقي بين أوراقه، إلى أن رجع إليها في أواخر حياته، عندما انصرف إلى الأدب المسرحي بمعظم جهده، فأعاد كتابتها من جديد على الوضع الذي نعرفه الآن.
وينبئنا شوقي نفسه أنه لم يتأثر بالأدب التمثيلي الغربي الفرنسي فحسب، بل وتأثر أيضا بالشعر الغنائي، وبخاصة الرومانتيكي، فنقل إلى العربية قصيدة «البحيرة» الشهيرة للامارتين، كما تأثر أيضا بحكايات لافونتين على لسان الحيوانات وحاكاها، فألف عدة حكايات مماثلة أو مقتبسة نشرها في ديوانه الأول، ورأى فيها وسيلة طيبة لتهذيب الأطفال.
وإذن فقد تأثر شوقي بالأدب الغربي تأثرا كبيرا، وانفعلت به نفسه منذ شبابه الغض، ولكن ارتباطه بالسراي وطموحه إلى أن يصبح شاعرها من جهة، وشدة حذره وتخوفه من التجديد، والخروج على الأوضاع المتوارثة والتقاليد الأدبية المرعية، حالت بينه وبين الخروج إلى آفاق الأدب الواسعة، والسير في تيار الأدب التمثيلي، الذي وقف فيه عند محاولته الأولى في «علي بك»، ولم يعد إلى هذا الفن إلا في أخريات حياته، بعد أن ظهرت تيارات النقد الأدبي الحديث في الأدب العربي، وأخذ عليه النقاد سيره في الدروب المطروقة، وعدم خروجه عنها، فألف للمسرح «مصرع كليوباترة» و«مجنون ليلى» و«قمبيز» و«عنترة» و«علي بك الكبير» شعرا، و«أميرة الأندلس» نثرا، وفي سنته الأخيرة عالج الكوميديا أيضا، فوضع شعرا «الست هدى»، التي لا تزال مخطوطة حتى اليوم، ويحدثنا ابنه الأستاذ حسين شوقي في كتابه «أبي شوقي»، عن شروعه في تأليف روايتين أخريين؛ إحداهما عن «البخيلة»، والثانية عن «محمد علي الكبير»، وكتب منهما أجزاء يظهر أنها فقدت، وإن كان ابنه يظن أن والده قد خلفهما عند الدكتور سعيد عبده، الذي كان يكثر من صحبته.
من هذه اللمحة التاريخية يتضح أن شوقي قد عرف الأدب الغربي، بما في ذلك الأدب المسرحي، ولكن، هل يمكن تحديد الكتاب أو المذاهب التي تأثر بها الشاعر؟ للجواب على هذا السؤال، لا نجد اعترافات خاصة من الشاعر، ولا من المحيطين به، الذين كتبوا عنه كابنه في «أبي شوقي» أو الأستاذ أحمد عبد الوهاب أبو العز سكرتيره في «اثنا عشر عاما في صحبة أمير الشعراء»، ولا في ذكريات الأمير شكيب أرسلان في «أحمد شوقي أو صحبة أربعين عاما»، ولكننا نستطيع بدراسة مسرحياته وفنه فيها أن نستنتج تأثراته المختلفة.
Bilinmeyen sayfa