2 والخطوة الثانية فهم معاني الألفاظ وفحوى التراكيب في مطلبي اللغة والإعراب، وفي جانب من مطلب المعنى. وقد برر الإفراني تقديم مطلب اللغة بكونه سبيلا لفهم ما بعده، ولم يبرر تأخير الإعراب وهو يؤدي المهمة نفسها. والظاهر أنه خضع في ذلك لتأثير أغلب الشراح في تأخيرهم لمطلب الإعراب ولتأثير ابن مرزوق مباشرة. وكان حريا به أن يسلك سبيل الصفدي الذي جعل الإعراب بعد اللغة مباشرة، والأليوري الذي قدم مطلب الإعراب على المطلب البلاغي. والخطوتان الأولى والثانية تمهدان لتذوق جمال النص المدروس.
3 وفي الخطوة الثالثة التي نحللها هنا تناول المؤلف الجانب الفني في النص باذلا قصارى جهده لإظهار جماله وتعليل هذا الجمال بلاغيا. ويشترك مطلب المعنى والمطلب البلاغي (المعاني، البيان، البديع) في تحقيق هذه الغاية؛ فيتم، في مطلب المعنى، "رفع القناع عن معنى التركيب، وتنزيل المعنى على الألفاظ، ونسق بعضها ببعض، حتى تصبح من حيث المعنى كأنها سبيكة إبريز، تشهد لصائغها بالتقدم في الصناعة والتبريز"(¬1)[60].
فالهدف من (المعنى) إذن ليس تيسير الفهم فحسب، وإنما سبك المعاني حتى يظهر جمالها وتفوق صائغها.
ويعتبر المؤلف المطلب البلاغي ألطف المطالب وأعلاها، إذ به تتم المفاضلة والتقديم، فيقول: "ثالثها(¬2)[61]: وشي حلل البيت بسلك المعاني، ثم بجواهر البيان ثم بيواقيت البديع، وهذا ألطف المطالب وأعلاها وأغلاها، إذ هو مضمار ما يقع به التفاضل، وينعقد بين الأماثل في شأنه التسابق والتناضل"(¬3)[62].
[ص31]
ولهذا كله تكون الخطوة الثالثة محط رحال الشارح والهدف الأسمى للشرح.
Sayfa 33