واستطاع مالك نيب، بعد أن وطد الحكم الإسلامي في الدكن بمعاونة خاجاهاجي أن يستصفي أموال مملكة هويسالا في الجنوب بعد أن استوليا على عاصمتها دافارا فاتيبورا قابضين على ملكها فيرا باللالا الثالث وأتم الجيش الإسلامي بعدئذ غزو مملكة يانديا وعاصمتها مادارا، مدمرا معبدها العظيم، ثم إن مالك سار إلى الشرق مشيدا مسجدا باسم الملك وإلى بالك على الساحل ثم عاد في طريقه في 24 أبريل 1311 فوصل إلى دلهي في 18 أكتوبر 1311 ومعه 312 فيلا و20 ألف جواد و2750 رطلا من الذهب، وعلى هذا أتيح لعلاء الدين ملك قوي عريض يستمتع بالأمن الداخلي والخارجي ورغد العيش، إذ رخصت الأسعار.
ومنذ 1311 إلى أن مات في 1316 وحين ضعفت صحة السلطان علاء الدين وأفضت شدته وسعة ملكه إلى تمرد بعض الولايات، وافاه الموت على إثر مرض الاستسقاء، مخلفا في علاي داروازا أثرا يسجل حكمه كما أشار إلى هذا سيرجون مارشال في ص573 من الجزء الثالث من كتابه تاريخ الهند طبعة كامبردج، وقد بنى علاء الدين أيضا المدينة الثانية من مدن دلهي في سيري متخذا منها عاصمة محصنة حول 1303، ومع أنه لم يكن على حظ من العلم إلا أن العلماء والأدباء كانوا يحظون في قصره بالحفاوة وكان في مقدمتهم الأمير خسرو باللغة الفارسية فقد بدأ حياته الأدبية في قصر بالبان ومات في الثانية والسبعين في 1325 تاركا 40 ألف منظومة أو بيت شعر. وعلى إثر وفاة علاء الدين ظهر نيب مالك في مظهر نائب الملك والوصي على السلطان القاصر ابن الملك الراحل طامعا إلى اغتصاب الملك لنفسه مستخدما السجن والفتك وفقأ الأعين لإقصاء كل من تحدثه نفسه بمناهضة نفوذه، الذي لم يدم سوى 35 يوما، إذ قتله الحرس السلطاني وعين الابن الثالث لعلاء الدين وكان في الثانية عشرة وصيا على العرش، وبعد شهرين فقأ مبارك أعين أخيه السلطان القاصر البالغ من العمر ست سنوات، وجلس على العرش باسم قطب الدين مبارك شاه مفرجا عن 17 ألفا ممن سجنهم والده وملغيا الضرائب والعقوبات التي كان قررها عليهم. أما سيرته فإنها تنطوي على القسوة والمذابح مبيدا هاريال ديو راجا ديجير في الدكن في 1317، وبعد أن دام الملك أربع سنوات قتل خسروخان صديقه السلطان قطب الدين ثم خلفه باسم ناصر الدين خسرو شاه (مساعد المؤمنين) وقد دام حكمه خمسة أشهر قضاها في الاعتداء على حرمات النساء وذبح خصومه وأطفالهم وانتهاك حرمة المساجد، مما أثار الأتقياء عليه، فقتله غازي مالك المشرف على المستنقعات الغربية فهزم خسرو وقتله ونادى بنفسه ملكا باسم غياث الدين توجلاك، وكان غازي مملوكا تركي الأصل عند بالبان. كان ملكا عادلا مصلحا قديرا حفظ الأمن ونظم البريد والمواصلات ونهض بالزراعة وخفض الضرائب فجعلها عشر المحصول. وقد بلغه نبأ وصول الرحالة ابن بطوطة إلى مصب الهندوس في 1333 ووسع الرحالة المغربي أن يبلغ دلهي بعد خمسة أيام؛ أي أنه اجتاز مسافة تقرب من تسعمائة ميل.
رحلة ابن بطوطة إلى الهند
حول 1333م أو في المحرم من عام 734 هجرية وصل إلى الهند (أبو عبد الله محمد بن عبد الله بن محمد إبراهيم اللواتي الطنجي المعروف بابن بطوطة) وهو الرحالة العربي المسلم المشهور الذي قام برحلات من بلاد المغرب إلى البلاد العربية والهند والصين. قال في الجزء الثاني من كتابه رحلة ابن بطوطة المعروف باسم تحفة النظار في غرائب الأمصار وعجائب الأسفار: إنه في التاريخ المشار إليه قد وصل إلى وادي السند المعروف ببنج آب. ومعنى ذلك المياه الخمسة. وأن هذا الوادي المزروع تابع للسلطان المعظم محمد شاه ملك الهند والسند، وكان أمير أمراء السند على ذلك العهد مملوك السلطان «سرتيز» ومعناه «الحاد الرأس».
ومن عادة هذا السلطان إكرام الغرباء وتخصيصهم بالولايات والمراتب الرفيعة، ولا بد لكل قادم على جلالته من هدية يهديها إليه فيكافئه جلالته بأضعاف مضاعفة.
الإحراق بالنار
وقال ابن بطوطة عن إحدى الغزوات التي رآها في الهند الإسلامية: رأيت الناس يهرعون من عسكرنا ومعهم بعض أصحابنا، فسألتهم الخبر فأخبروني أن كافرا من الهند مات، وأججت النار لحرقه، وامرأته تحرق نفسها معه، ولما احترقا جاء أصحابي وأخبروني أنها عانقت الميت حتى احترقت معه، وبعد ذلك كنت في تلك البلاد أرى المرأة من كفار الهنود متزينة راكبة والناس يتبعونها من مسلم وكافر والأطبال والأبواق بين يديها، ومعها البراهمة، وهم كبراء الهنود. وإذا كان ذلك ببلاد السلطان واستأذنوا السلطان في إحراقها، فيأذن لهم فيحرقونها، ثم اتفق بعد مدة أنني كنت بمدينة أكثر سكانها الكفار «أي الهندوس» تعرف بابجري، وأميرها مسلم لقتالهم، وكان لثلاثة من الكفار القتلى ثلاث زوجات، فاتفق على إحراق أنفسهن. وإحراق المرأة بعد زوجها مندوب إليه «أي مطلوب ولكنه غير واجب». لكن من أحرقت نفسها بعد زوجها أحرز أهل بيتها شرفا ونسبوا ذلك إلى الوفاء، ومن لم تحرق نفسها، لبست خشن الثياب، وأقامت عند أهلها بائسة ممتهنة لعدم وفائها.
قال «ابن بطوطة»: إن البريد ببلاد الهند صنفان؛ بريد الخيل، وبريد الرجالة، وهو الأسرع لأن في الطريق قبابا بها رجال يأخذون الكتاب الذي يحمله الراكب حين يسمعون جلاجل الخيل النحاس.
سور دهلي وجامعها
دهلي وتدعى دلهي أيضا كانت عاصمة للهند. وقد وصف «ابن بطوطة» السور المحيط بمدينة دهلي قائلا: «إن عرض حائطه أحد عشر ذراعا، وفيه بيوت يسكنها السمار وحفاظ الأبواب. فيها مخازن للطعام ويسمونها «الأنبارات»؛ ومخازن للعدد، ومخازن للمجانيق والرعادات».
Bilinmeyen sayfa