وثمة حفلة ملكية أخرى تعرض فيها المصارعة بالسيوف وقتال الحيوان، وهو ما يزال باقيا في بعض الإمارات الهندية إلى اليوم.
الفصل الثالث عشر
الغزو الإسلامي في الهند
يقول السير وولسيلي هيج «في ص1 من الجزء الثالث من تاريخ الهند - طبعة كامبردج»: «إن ظهور الإسلام هو إحدى عجائب التاريخ، ففي 622 ميلادية ظهر نبي، لم يكن في بداية أمره مستطيعا أن يجمع اثني عشر رجلا لمناصرته، فعمد إلى مغادرة مكة مسقط رأسه إلى المدينة، ومع هذا وسع خلفاءه وأتباعه أن يصلوا فيما يزيد قليلا على القرن، إلى حكم إمبراطورية امتدت من الأطلسي إلى أفغانستان ومن بحر قزوين إلى شلالات النيل».
في مستهل القرن الثامن الميلادي وسع العرب أن ينقلوا لواء الإسلام إلى حد روسيا «الآن بلوخستان»، وفي 711 نهض الشاب العربي محمد قاسم بغزو السند حين كان يحكمها «داهر» الملك البرهمي، الذي قتل في المعركة في 712 وتشتت جيشه. وقد نظم محمد قاسم حكومته السند الأسفل ووكل إدارتها المحلية إلى الوطنيين أنفسهم. وفي 713 استولى على مولتان فأصبح للعرب السند والبنجاب السفلي وكانوا في كل بلد يدخلونها يخيرون سكانها بين أحد أمور ثلاثة: الإسلام، أو الجزية، أو الحرب، وجرى الفاتحون المسلمون على سياسة التسامح تاركين للهندوس معابدهم ومخولين إياهم ممارسة طقوسهم.
ولما ضعفت الدولة العباسية في بغداد، وسع بعض الحكام العرب في البلاد المفتتحة أن يستقلوا بها عن حكومة بغداد، ومن هذا نشأت منذ 871 ميلادية دولتان إسلاميتان مستقلتان؛ إحداهما في مولتان وثانيتهما في منصورة، وكانت الضرائب المفروضة على الوطنيين عادلة وقليلة ، وكان هؤلاء ينهضون بأكثر أعباء الإدارة، حين احتفظ العرب بالجندية وأخذوا يصاهرون الهندوسيين، ولم يحفلوا بأن يمدوا ملكهم الجديد في السند والبنجاب الأسفل إلى ما بعدهما.
هذا وقد كان من أثر اعتماد خلفاء الدولة العباسية في بغداد على المماليك الأسرى والأتراك في حماية العرش وقيادة الجيش، أن أصبحوا قوة مخشية الجانب، امتد سلطانها إلى مناصب الدولة وحكم الولايات خاصة أن الأسرى كانوا يدينون بالإسلام فيكون لهم ما للمسلمين العرب من الحقوق. وفي آخر القرن العاشر الميلادي كانت الوحدة الإسلامية الممثلة في إمبراطورية كبيرة واحدة وحكومة واحدة قد انفصمت عراها منقسمة ممالك وإمارات ودويلات متنافسة متخاصمة، ولم يبق للخليفة العباسي في بغداد سوى النفوذ الروحي.
الإسلامية من هذه البلاد التي استقلت «غزنى» فجلس على عرشها أحد المماليك أو الأسرى الأتراك المسمى سابوكيتجين في 977 وقد وسع هذا أن يمد ملكه إلى أوكساس في الشمال على حدود إيران، واستولى على منطقة تشمل كابول وأصبح حاكما لخراسان. وبعد أن مات في 997 خلفه ابنه الأصغر «إسماعيل» الذي خلعه أخوه الأكبر محمود غزني، وأصبح ملكا حين بلغ السابعة والعشرين وضم إلى مملكته سبستان واعترف لملكه الخليفة القادر بالله مانحا إياه لقب «يمين الدولة» فعرف خلفاؤه باسم الأسرة اليمينية.
لم يواجه محمود غزني في شمال الهند مملكة هندوسية متحدة بل ممالك وإمارات متنابذة وقد هزمها جميعا في معارك بلغت حول السبع عشرة، ولم يجد مقاومة تذكر سوى في مملكة أوند البرهمية على نهر الهندوس ثم مملكة البنجاب، التي توالى عليها من الملوك جيبال الأول، ثم أناندبال ثم جيبال الثاني وبهيميال الشجاع الذي أتم محمود غزني هزيمته ... وفر مع فلوله إلى أجميز، ثم تقدم غزني إلى بشاوار وأسر الملك جيبال ملك البنجاب التي عاصمتها بهاتيندا الذي افتدى حياته بمبلغ من المال نازلا عن ملكه إلى ابنه أنانديال ثم أحمد غزني فتنة على الأكسوس، وكان هناك هنود أصليون في الجيش الإسلامي الغازي الذي كان على شفا الهزيمة حين استطاع أنانديال ملك البنجاب أن يغري إلى محالفته حكام أوجان 42 من الأصل وجواليور، وكاللينجار، وكانوج، ودلهي وأجمير مما كان من أثره أن لبث غزني 40 يوما متخذا الدفاع وحسب، وفي آخر يوم في 1008 حدثت المعجزة التي جعلت الموقف يتحول إلى هزيمة تامة للمتحالفين، ذلك أن فيل الملك أنانديال ارتاع ارتياعا حمله على الفرار الذي فسره الجنود الهندوسيون بأنه نذير الهزيمة فشاعت الفوضى فيهم، ثم استولى «محمود» على كانجا وهي موطن كنوز الهند الشمالية الغربية عائدا بالأسلاب إلى غزنى. وكان محمود ينتقل من نصر إلى نصر، مستوليا على ثينيزر المدينة المقدسة في موترا وكانوج المركز الهندوسي في الهند، وبعد معركة 1018-1019 التي أخذ فيها 53 ألف أسير و380 فيلا وكنوزا طائلة؛ أقام محمود في غزنى المسجد العظيم من الرخام والجرانيت الذي أسمي عروس السماء وألحقت به مدرسة.
وبعد أن تمت هزيمة بهيمبال، وقوي حكم محمود على الأوكساس وفي المولتان وغنم في شمال الهند الغنائم العديدة وهدم المعابد الهندوسية؛ نهض في 1024 بأكبر الحملات العسكرية مخترقا الصحراء العظيمة للهند ومعه 30 ألف جمل لنقل الماء للجيش الإسلامي مستوليا على سومناث، وعلى الرغم مما أبداه الهندوس من الدفاع خاصة في دفع الغزاة عن الطرق المؤدية إلى المعبد العظيم الذي كان فيه ألف برهمي يؤدون واجباتهم الدينية ويحرسون كنوزه - فإن الجيش الإسلامي استولى عليه بعد أن أفنى خمسين ألف هندوسي في سومناث، وعاد «محمود» إلى غزنى حاملا الكنوز والأسلاب في 1026. وفي خريف العام ذاته، قام بآخر حملاته الموفقة على نهر الهندوس ضد الجاتيين الذين يسكنون السند ساجاردوب وهزمهم بجنوده البحريين المسلحين بالقوس والسهام والقنابل اليدوية، ثم مات في 1030، غير أن هذا الظفر كله لم يؤد إلى أن يصبح محمود ملكا للهند، وإن كان قد أسس أسرة مالكة حكمت البنجاب مدة قرن ونصف قرن. وعند «الماهارا جادهيراجا للباروان في ص13 من كتابه: الأفق الهندي» أن تدنيس «محمود» للمعابد الهندوسية وهدمها قد أدى إلى بذر العداوة بين المسلمين والهندوس، خاصة أنه كان شديد الحرص على نشر الدين الإسلامي وحماية رجاله.
Bilinmeyen sayfa