١٨٣ - سأَلَنِي سائِلٌ عن قَوْلِ اللهِ جَلَّ وَعَزَّ: ﴿إِنَّمَا قَوْلُنَا لِشَيْءٍ إِذَا أَرَدْنَاهُ أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ﴾ (١).
وقوله للسماء والأرض قبل أن يخلقهما: ﴿ائْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ﴾ (٢) وقال: كيف يأمر معدومًا لم يخلقه؟ .
• والذي عندي أَنَّ الناسَ لم يُؤْتَوْا في هذا البابِ إلَّا من جِهَةِ تَشْبيهِهِمْ أمرَ الله بأمورِ النّاس، وعلمَهُ بعِلْمِهِمْ، وقد جلّ ﵎ عن ذلك لعِلْمِهِ الشَّيْءَ قبلَ أَنْ يكونَ، وجَهْلِهِمْ الشَّيْءَ حتّى يكونَ. والسَّماءُ والأَرْضُ وكلُّ شَيْءٍ خَلَقَهُ اللهُ فهوَ قائِمٌ في عِلْمِهِ قبلَ أنْ يأْتِيَ (٣) بِهِ اللهُ قيامَ العِلْمِ بِصورَتِهِ وهَيْئَتِهِ وكَيْفِيَّتِهِ وتَنَقُّلِه، فيقولُ لذلك القائِمِ في عِلْمِه المُسْتَتِرِ عن خَلْقِهِ: كُنْ: أي اظْهَرْ، فيكونُ أي يَظْهَرُ عَيْنًا مَوْجودًا بِقُدْرَتِهِ (٤).
(١) الآية ٤٠ من سورة النحل.
(٢) الآية ١١ من سورة فصلت.
(٣) في الأصل بياض. وبها يستقيم الكلام.
(٤) انظر القرطبي ١٠/ ١٠٦ و١٥/ ٣٤٣ - ٣٤٤.