التي فيها إحسانه إلى عباده، وآياته المبينة لحكمته، وهي متلازمة، فكلما خلق فهو نعمة ودليل على قدرته وحكمته، لكن نعمة الرزق في المأكل والمشرب واللباس والسكن ظاهر لكل أحد، فلهذا استدل بها كما في سورة النحل وتسمى سورة النعم، وكل ما خلقه فهو نعمة على المؤمنين يستحق أن يحمدوه ويشكروه عليه، وهو من آلائه، ولهذا قال: ﴿فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكَ تَتَمَارَى﴾ ١، وكذلك ختم كل آية ﴿فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ﴾ ٢ فجميع المخلوقات أنعام من جهة أنها آيات بها هدايتهم التي يسعدون بها في الدارين، فتدلهم عليه، وعلى وحدانيته، وقدرته، وعلمه، وحكمته، ورحمته، وهذه أفضل النعم نعمة الإيمان، قال ابن قتيبة: (لما ذكرهم آلاءه، ونبههم على قدرته، جعل كل كلمة فاصلة بين نعمتين ليفهمهم النعم ويقروا هم بها) .
(٥٤) إذا كان الحمد لا يقع إلا نعمة، فقد ثبت أنه رأس الشكر؛
فهو أول الشكر، والحمد وإن كان على نعمته وعلى حكمته فالشكر بالأعمال على نعمته، وهو عبادة له لإلهيته التي تتضمن حكمته، فصار المجموع داخلا في الشكر، ولهذا عظم القرآن أمر الشكر، ولم يعظم أمر الحمد مجردا إذ كان نوعا من الشكر، وشرع الحمد الذي هو الشكر المقول أمام كل خطاب مع التوحيد.
(٥٥) المؤمن يرى أن عمله لله،
لأنه إياه يعبد، وأنه بالله، لأنه إياه يستعين فلا يطلب جزاء ولا شكورا من غير الله، ولا يمن ولا يؤذي لعلمه أن الله هو المان عليه، ومن الناس من يحسن إلى غيره ليمن عليه أو يجزيه
_________
١ سورة النجم آية: ٥٥.
٢ سورة الرحمن آية: ١٣.
1 / 40