الْفَصْل الثَّالِث فِي الِاسْم الْوَاحِد الَّذِي لَهُ معَان مُخْتَلفَة وَهُوَ مُشْتَرك بِالْإِضَافَة إِلَيْهَا
كالمؤمن مثلا فَإِنَّهُ قد يُرَاد بِهِ الْمُصدق وَقد يشتق من الْأَمْن وَيكون المُرَاد إِفَادَة الْأَمْن والأمان فَهَل يجوز أَن يحمل على كلا الْمَعْنيين حمل الْعُمُوم على مسمياته كَمَا يحمل الْعَلِيم على الْعلم بِالْغَيْبِ وَالشَّهَادَة وَالظَّاهِر وَالْبَاطِن وَغير ذَلِك من المعلومات الْكَثِيرَة وَهَذَا إِذا نظر إِلَيْهِ من حَيْثُ اللُّغَة فبعيد أَن يحمل الِاسْم الْمُشْتَرك على جَمِيع المسميات حمل الْعُمُوم إِذْ الْعَرَب تطلق اسْم الرجل وتريد بِهِ كل وَاحِد من الرِّجَال وَهَذَا هُوَ الْعُمُوم وَلَا تطلق اسْم الْعين وتريد بِهِ عين الشَّمْس وَالدِّينَار وَعين الْمِيزَان وَالْعين المنفجرة من المَاء وَالْعين الباصرة من الْحَيَوَان وَهَذَا هُوَ اللَّفْظ الْمُشْتَرك بل تطلق مثل ذَلِك لإِرَادَة أحد مَعَانِيه وتميز ذَلِك بِالْقَرِينَةِ وَقد حُكيَ عَن الشَّافِعِي ﵁ فِي الْأُصُول أَنه قَالَ الِاسْم الْمُشْتَرك يحمل على جَمِيع مسمياته إِذا ورد مُطلقًا مَا لم تدل قرينَة على التَّخْصِيص وَهَذَا إِن صَحَّ مِنْهُ فَهُوَ بعيد بل مُطلق لفظ الْعين مُبْهَم فِي اللُّغَة لَا يتَعَيَّن بِهِ وَاحِد من مسمياته إِلَّا أَن تدل قرينَة على التَّعْيِين
فَأَما التَّعْمِيم فَرُبمَا خَالف وضع الشَّرْع وضع اللِّسَان نعم فِيمَا تصرف الشَّرْع فِيهِ من الْأَلْفَاظ لَا يبعد أَن يكون من وَضعه وتصرفه إِطْلَاق اللَّفْظ لإِرَادَة جَمِيع الْمعَانِي فَيكون اسْم الْمُؤمن بِالشَّرْعِ مَحْمُولا على الْمُصدق ومفيدا الْأَمْن بِوَضْع شَرْعِي لَا بِوَضْع لغَوِيّ كَمَا أَن اسْم الصَّلَاة وَالصِّيَام قد اخْتصَّ بِتَصَرُّف الشَّرْع بِبَعْض أُمُور لَا يَقْتَضِي وضع اللُّغَة ذَلِك فَهَذَا غير بعيد لَو كَانَ عَلَيْهِ دَلِيل
1 / 43