قال لي: «هذا ما استنتجته.» رغم أنني لم أكن قد كتبت له أي شيء عن مشكلة نشارة الخشب، ثم أردف قائلا: «لم تقومين بكل هذا العمل؟ لم لا يحضرون مديرة منزل؟ ألن يضطروا لذلك بمجرد رحيلك؟»
قلت: «لا عليك، أتمنى أن يعجبك ثوبي، هل أخبرتك أن الخالة تشارلي هي من يصنع لي ثوب الزفاف؟» «ألا يمكنك التحدث؟» «ليس بالضبط.» «حسنا. فقط اكتبي لي.» «سوف أفعل. واليوم.» «إنني أطلي المطبخ.»
كان يعيش في علية بها لوح تسخين للطهي، ولكن كان قد وجد مؤخرا شقة بغرفة نوم واحدة نستطيع أن نبدأ فيها حياتنا معا . «ألا تهتمين حتى بمعرفة لون الطلاء؟ سوف أخبرك على أي حال، أصفر مع أشغال خشبية بيضاء. خزانات بيضاء، لكي تدخل إليه أكبر قدر ممكن من الضوء.»
قلت: «يبدو هذا لطيفا حقا.»
حين أغلقت الهاتف قال أبي: «أنا واثق من أنها ليست مشاجرة حبيبين، أليس كذلك؟» كان يتحدث بأسلوب بدا فيه التصنع والممازحة فقط ليكسر الصمت الذي كان يلف الغرفة. غير أنني شعرت بالإحراج.
فضحك أخي ضحكة مكبوتة.
كنت أعلم رأيهم في مايكل. كانوا يعتقدون أنه غاية في البشاشة، وذو بشرة حليقة وحذاء لامع، وغاية في الخلق والأدب بكل ما في الكلمة من معنى. ومن غير المحتمل أن يكون قد نظف إسطبلا من الروث أو أصلح سياجا؛ فقد كانت لهم عادة من عادات الفقراء - ربما عادة يختص بها الفقراء المثقلين بذكاء يفوق ما تؤهلهم له مكانتهم المتواضعة - هي عادة، أو بالأحرى ضرورة، تحويل من هم أعلى منهم، أو هؤلاء الذين يشكون في أنهم يعتقدون أنفسهم أعلى وأفضل منهم، إلى مثل هذه الشخصيات الكاريكاتورية.
لم تكن أمي على هذه الشاكلة؛ فقد كانت موافقة على مايكل، وكان يعاملها معاملة طيبة، وإن كان لا يشعر بالارتياح في وجودها، نظرا لكلامها القانط الجامد وأطرافها المرتعشة والطريقة التي قد تخرج بها حركة عينيها عن السيطرة؛ ما يجعلها تزوغ لأعلى. فلم يكن معتادا على المرضى، أو الفقراء. ولكنه كان يبذل أقصى جهده خلال زيارة لا بد أنها كانت تبدو له مرعبة، وأقرب إلى معتقل موحش.
معتقل كان يتلهف لإنقاذي منه.
كان هؤلاء الأشخاص الجالسون إلى المائدة - ما عدا أمي - يعتقدون إلى حد كبير أنني خائنة لعدم بقائي حيثما أنتمي؛ أي البقاء في هذه الحياة، على الرغم من أنهم في واقع الأمر لم تكن لديهم رغبة في ذلك أيضا؛ فقد كانوا يشعرون بالارتياح أن ثمة شخصا يريد أن يتزوجني. ربما كانوا يشعرون بالأسف أو بقدر يسير من الخزي أنه لم يكن أحد الشباب ممن كانوا في محيط موطننا، إلا أنهم كانوا يتفهمون كيف أن ذلك لم يكن ممكنا ، وأن هذا سيكون أفضل بالنسبة إلي من جميع النواحي. كانوا يريدون أن يمازحوني بأسلوب حاد بشأن مايكل (كانوا يقولون إنه مجرد مزاح فقط)، ولكن بوجه عام، كانوا يرون أنني يجب أن أتمسك به.
Bilinmeyen sayfa