للأبدان ومقيسة إليها ؛ فلذلك يؤخذ البدن في حدها ، أي في حدها من جهة ما لها إضافة ، لا في حدها من حيث جوهرها وذاتها بذاتها وكونها واقعة تحت مقولة الجوهر ؛ كما يؤخذ مثلا البناء في حد الباني من جهة الإضافة ومن حيث كونه بانيا ، وإن كان لا يؤخذ في حده من حيث جوهره ، ومن حيث إنه إنسان ، ولذلك ، أي ولأجل أن النظر في النفس من حيث هي نفس ومن حيث كونها مقيسة إلى الابدان ، صار النظر فيها من العلم الطبيعي الذي يبحث فيه من حيث التعلق بالمادة والحركة ، أي بالمادة بالمعنى الأخص أو الأعم ، لأن النظر في النفس أيضا من حيث هي نفس ، نظر فيها من حيث لها علاقة بالمادة بالمعنى الأخص ، كما في النفس النباتية والحيوانية من حيث هي حيوانية أو بالمعنى الأعم ، كما في النفس الإنسانية من حيث هي إنسانية ، وكذا من حيث لها علاقة بالحركة.
فبالجملة ، النظر في النفس من الجهة المذكورة لا يكفي لتعرف ماهية النفس في حد ذاتها وكونها واقعة تحت مقولة الجوهر ، بل يجب أن نفرد لتعرفنا ذات النفس من هذه الجهة بحثا آخر ، كما أفرده فيما بعد ، ولو كنا عرفنا بالجهة الأولى ذات النفس من الجهة الثانية ، لما أشكل علينا معرفة وقوعها في أي مقولة تقع فيها من مقولة الجوهر أو العرض ، فإن من عرف وفهم ذات الشيء من حيث هي ذاته ، فعرض على نفسه طبيعة أمر ذاتي له ، لم يشكل عليه وجوده له ، كما أوضحناه في المنطق.
ثم إن قوله : «لكن الكمال على وجهين : كمال أول وثان (2)» إلى آخره (1)
بيان لأنه بمجرد إطلاق الكمال على النفس في تحديدها من جهة ما لها إضافة ما كما هو المقصود هنا لا يتحقق حقيقتها من هذه الجهة ، ولا يحصل حدها من هذه الحيثية ؛ بل يجب أن يقيد الكمال بقولنا : كمال أول ، حتى يختص بالنفس ويخرج غيرها ، فإن الكمال على وجهين : كمال أول وكمال ثان ؛ والكمال الأول هو الذي يصير به النوع نوعا كاملا بالفصل ، كالشكل للسيف ، وكالنفس للنبات والحيوان والإنسان ؛ والكمال
Sayfa 72